في محاولة منها لتجنب المواجهة المباشرة أو لـ”جس نبض” الشارع، سرّبت جمعية المصارف مسودة خطتها للتعافي الاقتصادي. أقل ما يقال في هذه الخطة التي تقع في 86 صفحة أنها تكرار رتيب لما سبق وطرحته الجمعية في 10 حزيران من العام الماضي. وعلى الرغم من التغيّرات الكثيرة والجوهرية في الوضع الاقتصادي، حافظت المصارف على دفن رأسها في الرمال، إذ حيّدت نفسها عن تحمّل ولو جزء بسيط من المسؤولية المعنوية أو المادية للأزمة الخانقة التي كانت سياساتها أحد أسبابها، فغاب عن خطة تحديد الخسائر التي مني بها القطاع، ضرورة إعادة هيكلة المصارف أو دمجها وتصفية المتعثرة منها.
نظّرت الجمعية طويلاً في إصلاح القطاع العام وبضرورة تخفيض نفقاته وتخفيض تقديماته وأجور موظفيه، وطالبت في المقابل الدولة بانقاذ البنوك ليستمر القطاع كما هو عددياً من دون أي تغيير. فلم تعبأ بتراجع الناتج المحلي من 56 مليار دولار إلى أقل من 18 ملياراً، وراح عن بالها فقدان الحاجة إلى هذا الكم الهائل من البنوك، من دون التطرق، طبعاً، الى فقدان الثقة بالقطاع والحاجة إلى سنوات طوال لترميم العلاقة مع الداخل والخارج.
الحل الكبير برأي الخطة هو في وضع أصول الدولة في صندوق سيادي يسدد من أرباحه الفجوة الهائلة المقدرة بحوالى 80 مليار دولار بين مصرف لبنان والمصارف. وبغض النظر عن نيتها تحميل كل المواطنين عبء الخسائر بعدما وصلت الاقتطاعات من حسابات المودعين الى حدود 90 في المئة، فقد أهملت عن سوء تقدير أو عن قصد أن أصول الدولة قيمتها أقل بكثير من المبلغ المرجو. وأن عملية خصخصتها أو بيعها أو تشاركها أعقد بكثير من مجرد الكلام. وهي تتطلب أولاً وأخيراً وجود دولة قادرة، وإلا ستباع بالفتات. وعلى الرغم من رفضها توحيد أسعار الصرف، فقد طالبت الخطة بزيادة الضرائب وتحصيل الضريبة على القيمة المضافة بحسب سعر السوق، مخالفة بذلك القوانين قبل المنطق، ولا سيما المادة 70 من قانون النقد والتسليف التي تحتم احتساب العمليات التجارية بحسب سعر الصرف الرسمي، والمادة 18 من المرسوم رقم 7308 تاريخ 28 كانون الثاني 2002. هذا عدا عن المعايير المحاسبية العالمية.
ولم يغب عن خطة المصارف محاولتها الاستيلاء على أموال الصادرات بـ”الفريش” دولار مستكملة بذلك قرار “استعادة أموال الصادرات” الذي حاول مصرف لبنان تمريره في مطلع العام الحالي.