إستشعرت جمعية المصارف خطر تداعيات ما هددت به عندما توعدت بتنفيذ اقفال تام يشمل عمليات الصراف الآلي وفتح اعتمادات الاستيراد وغيرها من العمليات للأفراد والشركات.
خلال عطلة نهاية الاسبوع عاش اللبنانيون على وتائر تحليل ما ستؤول إليه الأمور، في حال تطور الاضراب المصرفي الذي بدأ الثلاثاء الماضي الى اقفال تام هدفه تعجيل عقد جلسة تشريعية لاقرار مشروع قانون ضبط السحوبات والتحويلات (كابيتال كونترول)، بين مواد الاشكالية الكثيرة مادة تحمي المصارف من دعاوى المودعين في الداخل والخارج.
“المصارف تريد أكل العنب لا قتل الناطور” بحسب تعبير مصدر شبه رسمي تابع خلال الايام الماضية الاتصالات الجارية لـ”تهدئة خواطر” المصرفيين بوعد اقرار ذلك القانون.
وأضاف المصدر في اتصال مع “نداء الوطن” أن الخلاف حول مشاريع القوانين المطروحة وكيفية اخراج التمديد لمدير عام الامن العام عباس ابراهيم “قد يطيح الجلسة او يؤجلها في وقت تنتظر فيه المصارف على أحر من الجمر اقرار الكابيتال كونترول، خلاف ذلك فهي تتجه للتصعيد لكنها خائفة من ردة فعل المودعين والمواطنين عموماً، لا بل ترتعد فرائصها من دعوات لممارسة العنف اذا توقفت السحوبات ولم يقبض الموظفون رواتبهم او توقفت محطات الوقود بسبب ايقاف اعتمادات استيراد المحروقات”.
وخرجت الجمعية أمس ببيان على لسان امينها العام فادي خلف، يحاول تهدئة المخاوف بعبارات مثل “نحن والمودعون في خندق واحد”، و “ستراعي البنوك مصالح المواطنين”، و”تمنع الضرر المباشر عن الناس”، و”الحرص على الصالح العام”… وما الى ذلك من تطمينات لم تلغ مواقف متشددة مما اسمته “التجاوزات والشواذات”، وتعني بذلك الاحكام القضائية التي تفرض على البنوك عدلاً رد الودائع نقداً بعملة ايداعها وليس بشيك مصرفي لا تتجاوز قيمته 13% من قيمة أصل الوديعة. لا بل أتى البيان على ذكر “قضاة نزيهين”، كأنه يقول ان النزيه هو من يتواطأ مع البنوك على هضم حقوق المودعين.
الى ذلك، هجم البيان على من اتهمهم “بالشعبوية، وفبركة الاخبار ونشر الاشاعات، لأهداف متعدّدة، منها ما هو شعبوي، ومنها ما هو ابتزاز رخيص، وصولاً الى اهداف أكبر تصل الى حد السعي الدؤوب الى تدمير القطاع، وتغيير وجه الاقتصاد”.
وعلقت مصادر جمعيات وروابط وتجمعات المودعين على ذلك بتأكيد أن “ردات الفعل ستكون مفاجئة للجميع، بمن فيهم النواب المتواطئون مع البنوك والذين ظهرت مواقفهم في اللجان النيابية المشتركة لتمرير مشروع قانون بعبارات مطاطة عن حفظ الحقوق مقابل مواد تنفذ أجندة المصارف بشكل فاقع”.
أكثر من ذلك، أكد مصدر مصرفي كبير لـ”نداء الوطن” ان الجمعية “مطمئنة لموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري ولمعظم الكتل النيابية الكبيرة، فنوايا ومواقف هؤلاء تبعث على انشراح الأسارير وتلتقي مع ما تطرحه المصارف لجهة تحميل الدولة الجزء الأكبر من رد الودائع”.
واللافت في بيانين للجمعية في اسبوع واحد انهما لم يتطرقا للاتفاق مع صندوق النقد لا من قريب أو بعيد، علماً بأن ذلك الاتفاق يثبت قاعدة أن الخسائر تتحملها المصارف بالدرجة الاولى وليس الدولة، ويحذر من اي توسع في استخدام اصول الدولة وايراداتها لاطفاء الخسائر او رد الودائع”. وجزم مصدر معني بتنفيذ ذلك الاتفاق بان ما طرحه النائب الياس بو صعب في واشنطن مع ممثلي الصندوق أثار استغرابهم بأسئلة مثل كيف ان نواباً متواطئون مع البنوك الى هذه الدرجة”.
وعلى صعيد متصل علمت “نداء الوطن” ان نواب “التيار الوطني الحر” منقسمون بشكل حاد بشأن الموقف من البنوك مع ميل لمراعاة مصالح المصارف بالدرجة الأولى في هذه المرحلة.
وتختم المصادر بالاشارة الى ان معظم الكتل النيابية الكبيرة تراعي المصالح المصرفية بدليل تركها تقضم حتى 85% من الودائع وعدم فرض اعادة هيكلة ورسملة عليها، والضغط على القضاء لعدم حشر المصارف بأحكام مبرمة، فضلاً عن تسليم شبه مطلق بما يقوم به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لجهة اطفاء خسائر بطبع العملة والليلرة!