حاكم مصرف لبنان… بيان دفاعي عن رساميل أصحاب المصارف

في ضوء ما أُثير خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة من مقاربات وآراء متباينة حول معالجة رساميل المصارف ودورها في مسار سداد الودائع، أصدر حاكم مصرف لبنان كريم سعيد عقب الجلسة مباشرة بياناً دافع فيه عن رساميل أصحاب المصارف وعدّد فيه أسباب تمسّكه بمشروع قانون الإنتظام المالي، مع التحفّظ على المس برساميل المصارف بخلاف ما ورد في مشروع القانون.

وقال في بيانه “إن أي حلّ يؤدي إلى القضاء المنهجي على رؤوس أموال المصارف من شأنه أن يلحق ضرراً بالمودعين، ويقوّض آفاق التعافي الاقتصادي”.

وعن موقفه من مشروع قانون الاستقرار المالي وسداد الودائع (FSDR)قال الحاكم في بيان أنه عملاً بأحكام المادتين 71 و72 من قانون النقد والتسليف، جرى التشاور رسمياً معه من قبل الحكومة، وقد شارك مشاركة فعّالة في مداولات اللجنة الوزارية المصغّرة المكلّفة إعداد مشروع قانون الاستقرار المالي وسداد الودائع أي الق\قانون FSDR .

التقييم العام

وأكد حاكم مصرف لبنان تأييده للهيكلية العامة لمشروع قانون FSDR، وللمبادئ الأساسية التي يقوم عليها، ولا سيما:

-خفض العجز المالي من خلال إزالة المطالبات غير النظامية

-تصنيف الودائع ضمن فئات محددة بوضوح (صغيرة، كبيرة، وكبيرة جداً)

-سداد الودائع عبر مزيج من المدفوعات النقدية والأدوات المالية المدعومة بالأصول، على مراحل وضمن حدود السيولة المتاحة

-توزيع الأعباء والمسؤوليات المالية بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف التجارية.

المعايير الأساسية لتقييم التشريع

وشدد الحاكم على أن متانة واستدامة قانون FSDR يجب أن تُقاس وفق معيارين جوهريين: أولاً، العدالة وحسن توزيع الأعباء المالية بين مختلف الأطراف وثانياً، قابلية التطبيق الواقعي والتنفيذ الفعلي.

العدالة وتوزيع المسؤوليات

وأكد الحاكم أن مشروع قانون FSDR احترم مبدأ العدالة، مع التشديد على أن كل طرف معنيّ يجب أن يتحمّل نصيبه المناسب من المسؤولية. وفي هذا الإطار، يرى أن المشروع يحتاج إلى مزيد من التوضيح والتعزيز فيما يتعلّق بالتزامات الدولة. وباعتبار الدولة الجهة النهائية التي استخدمت هذه الأموال على مدى سنوات طويلة، فإن مساهمتها يجب أن تكون محددة بشكل صريح، قابلة للقياس، ملزمة قانوناً، ومقترنة بجدول زمني واضح وموثوق.

المصداقية وآلية التنفيذ

إنَّ سداد الودائع هو حقٌّ قانوني ثابت، وليس خياراً سياسياً أو إجراءً تقديرياً. غير أنّ ممارسة هذا الحق تقتضي الاستناد إلى برنامج سداد يتمتع بالمصداقية. وتقوم المصداقية المالية على توافر الأصول، ووجود سيولة فعلية ، واعتماد جدولٍ زمنيٍّ للسداد قابلٍ للتنفيذ عملياً.

وإنّ الجدول الزمني المقترح لسداد الجزء النقدي من الودائع يُعد طموحاً إلى حدٍّ ما، ويمكن، عند الاقتضاء، تعديله من دون المساس بحقوق المودعين، وذلك بهدف ضمان انتظام المدفوعات واستمراريتها واستكمالها بالكامل على مدى الزمن.

حماية القطاع المصرفي

وفي إطار الحفاظ على الاستقرار المالي، أبدى الحاكم تحفّظات جدّية، تستند إلى مبادئ قانونية راسخة، ومعايير محاسبية معتمدة، وسوابق دولية، إزاء أي مقاربة من شأنها أن تؤدي إلى الاستنزاف المنهجي أو الإلغاء الكامل لرأس المال الخاص بالمصارف قبل إزالة المطالبات غير النظامية من ميزانياتها العمومية، وقبل التطبيق اللاحق لتدرّج ترتيب المطالبات.

وبموجب قانون الاستقرار المالي وسداد الودائع (FSDR)، تُعدّ المصارف التجارية شركاء في إطار سداد الودائع، وتشكل المحرّك الأساسي للوساطة الائتمانية اللازمة لتحقيق التعافي الاقتصادي. وعليه، فإن أي حلّ يؤدي إلى القضاء المنهجي على رؤوس أموال المصارف من شأنه أن يلحق ضرراً بالمودعين، ويقوّض آفاق التعافي الاقتصادي، ويُعمّق توسّع الاقتصاد النقدي غير الرسمي.

التوصية الموجّهة إلى مجلس الوزراء

ونظراً للأهمية الاستثنائية لقانون FSDR، باعتباره التشريع المالي الأهم منذ إقرار قانون النقد والتسليف عام 1963، أوصى حاكم مصرف لبنان بأن يُخضع مجلس الوزراء مشروع القانون لمراجعة دقيقة وشاملة وبنّاءة، تهدف إلى إدخال التحسينات وَالتَّحْصِينات اللازمة بما يضمن العدالة والمصداقية وقابلية التطبيق العملي، وذلك قبل إحالته إلى مجلس النواب.

مصدرالمدن
المادة السابقةجلسة “الفجوة الماليّة” الثانية: 9 ساعات من النقاش والتعديلات
المقالة القادمةوزير الاقتصاد: 85% من المودعين سيحصلون على أموالهم نقداً