حجم الخسائر الكبير من جراء الحرب وتداعياتها

بعد أكثر من ١١ شهرا على الحرب في غزة و جنوب لبنان تزداد الخسائر الاقتصادية المباشرة و غير المباشرة في لبنان مع كل يوم حرب ومع كل تصعيد وتهديد بتوسع الحرب.

و لا بد من الإشارة إلى أن الجميع يجمع أن ظروف الحرب اليوم تختلف عن ظروف ٢٠٠٦ من جميع النواحي، ان كان لجهة الوضع الاقتصادي والمالي وحتى السياسي إضافةً إلى احتضان المجتمع الدولي وبالأخص العربي إثر حرب ٢٠٠٦ الذي هبَّ لمساعدة لبنان بعد انتهاء الحرب من أجل إعادة إعمار ما هدمته الحرب، لكن اليوم للأسف لبنان منهار اقتصادياً ومالياً والدول غير مستعدة لمساعدة لبنان في ظل عدم اليقين السياسي وغياب رئيس للجمهورية وربما اقتناع هذه الدول بإمكان تجنب هذه الحرب وتجنب تداعياتها على لبنان والمنطقة .

و السؤال هنا هل سيتمكن لبنان واقتصاده من تحمل المزيد من الخسائر ؟

في هذا الإطار لفت الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي الدكتور أنيس بو دياب في حديث للديار إلى ان توسع الحرب من شهر تموز الماضي إلى اليوم أدى إلى تراجع القطاع السياحي بشكل كبير بنسبة حوالى ٢٠% عن السنة الماضية ونسبة الإشغال في القطاع الفندقي لم تتعد ٥% و قطاع تأجير السيارات لم يتجاوز ٤٠%، ” وبالتالي هذا تراجع كبير في الاقتصاد اللبناني”.

وبحسب آخر معطيات الهيئات الاقتصادية والتجار يلفت بو دياب إلى ان هناك تراجعا كبيرا في الطلب الاستهلاكي وبخاصة الطلب على السلع الشبه كمالية .

و في حال توسعت الحرب اكثر فيتوقع بو دياب أن يتضرر الاقتصاد بشكل أكبر، لافتاً إلى أن هناك أكثر من ١٠ آلاف وحدة سكنية في الجنوب مدمرة تدميرا كليا وجزئيا والقطاع الزراعي مُعطَل لأكثر من موسم، لأن التعطيل بدأ منذ ٧ تشرين ٢٠٢٣ أي مواسم السنة الماضية لم تُحصَد بشكل كامل وهذا العام لم يتم الزرع، ” وبالتالي تعطل الموسم الزراعي لمدة عام و نصف بالإضافة إلى القنابل الفوسفورية التي ستؤثر لأعوام مقبلة على القطاع الزراعي”.

وإذ أشار بو دياب إلى تضرر القطاع الصناعي من جراء الحرب بحيث ان المؤسسات الصناعية بكل أنواعها في جنوب الليطاني مقفلة منذ ٧ تشرين، “واليوم بدأت تتوسع لتصل إلى صيدا”، تخوف أن يحصل التوسع الكبير للحرب وإقفال جميع المعابر، “وحينئذ ستسقط كل الاعتبارات الاقتصادية سيما ان المخزون الغذائي والنفطي والصحي يكفي بين شهر وثلاثة أشهر كحد أقصى و بالتالي إذا تعطلت المرافئ سنكون أمام وضع صعب جداً “.

ورداً على سؤال حول مصير الاقتصاد في حال توسعت الحرب أكثر، قال بو دياب اساساً نحن اليوم لدينا نمو سلبي وبعدما كان النمو يُقدّر ب ٠،٥% تراجع في شهر تموز الماضي ليصبح سلبياً بحسب المعطيات.

و بالنسبة للسياحة أشار بو دياب إلى تراجع كبير في عدد الوافدين الذين كانوا من اللبنانيين فقط وكل هؤلاء في شهر تموز غادروا لبنان تخوفاً من إقفال المطار وتوسع الحرب.

ومن تداعيات توسع الحرب ايضاً أشار بو دياب إلى تراجع إيرادات الدولة لأن مصدر إيرادات الدولة الوحيد اليوم هو من خلال الضريبة على القيمة المضافة التي تُحصّل من المرفأ ومن المطار إضافةً إلى بعض الإيرادات الضريبية القليلة التي تشكل حوالى ٢٧ ألف مليار ليرة شهرياً، و “بالتالي في حال تراجعت هذه الإيرادات سيصبح لدينا أزمة في كيفية تمويل القطاع العام سيما الرواتب والأجور”.

وإذ لفت بو دياب إلى أن حجم الخسائر بالمباشر وغير المباشر يتجاوز ٥ مليار دولار، توقع في حال توسع الحرب أن تكون الخسائر أكبر، مشيراً إلى أن خطة الطوارئ الحكومية مرصود لها حوالى١٥٠ مليون دولار متسائلاً كيف سيتم تأمين تمويل هذه الخطة.

و رأى بو دياب أن الوضع غير مطمئن إطلاقاً في حال توسعت الحرب ” ولا نعرف فعلياً العواقب الاقتصادية الكبيرة التي يمكن أن يتحملها لبنان وهل يمكن أن يكون هناك دمار أكثر وكيف يمكن تمويل إعمار هذا الدمار؟”.

و أسف بو دياب في ظل غياب هذه الدولة ان الدمار الأكبر سيقع في حال توسعت الحرب لأنه لا يوجد رقابة إطلاقاً و المثل الأكبر عدم تمكن الدولة من إدارة ملف الكهرباء و معالجته ،”و بالتالي حتماً في حال توسعت الحرب فالضرر سيكون كبيرا جداً “.

وأشار بو دياب إلى التقرير الأخير لـ “ستاندرد آند بورز” الذي يقول ان لبنان مقبل على الأسوأ في الأعوام القليلة المقبلة في حال لم يكن هناك إصلاح سياسي، مؤكداً أن السبيل للخروج من هذه الأزمة هو أولاً إعادة انتظام الدولة للقيام بالإصلاحات والذهاب بشكل جدي إلى تحقيق إصلاح فعلي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية وتغيير حكومي واتفاق مع صندوق النقد الدولي للخروج من كافة هذه الأزمات.

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقة3 وزارات مسؤولة عن سلامة الطرق… هل تؤدّي واجبها في تقليل الحوادث
المقالة القادمةمشروع موازنة “مورفين” في الحكومة