حراك العسكريين المتقاعدين : “الى الحقوق المسلوبة در”

 

يتبارى أبطال الموازنة في قضم رواتب العسكريين وحقوقهم التاريخية التي عمرها من عمر الجيش، فما أن يخرجوا من الباب تحت وطأة التظاهرات والاعتصامات وصراخ عائلات الشهداء والجرحى والمعوّقين، حتى يدخلوا من الشباك، وكأنهم يقتدون بتلك الكواسر الجارحة التي لا تنفك تحوم حول فرائسها حتى تفتك بها بالضربة القاضية.

قلنا نحن العسكريين المتقاعدين وبلسان عسكريي الخدمة الفعلية، طبعاً، أكثر من مرّة، إننا الأشدّ حرصاً على مالية الدولة، وعلى استقرار سعر صرف العملة الوطنية تحسّساً منّا بأهمية الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وتعزيز مناخات الثقة والاستثمار والنموّ في البلاد. وقلنا إنه على الرغم من ضيق ذات اليد، نحن مستعدون للمساهمة قدر المستطاع في الحدّ من عجز الموازنة، شرط أن تكون الضرائب والتخفيضات مقبولة وعادلة وشاملة، فلا ترهق جيوب الموظفين، ولا تطال قطاعاً في الدولة من دون آخر. ولكن ما الذي حصل؟

في قراءة مبسّطة لقائمة الضرائب والتخفيضات المتداولة حالياً، نجد أنّ الضريبتين الوحيدتين اللتين طالتا جميع موظّفي القطاع العام بلا استثناء، هما: رفع نسبة المحسومات التقاعدية من 6% الى 9% لموظفي الخدمة الفعلية، واستحداث ضريبة دخل على رواتب المتقاعدين (غير قانونية). أمّا التخفيضات والضرائب التي طالت رواتب العسكريين وحقوقهم فضلاً عن الضريبتين المذكورتين فيمكن تلخيصها بالآتي:

– تعديل تدبير الاستنفار رقم3، ما سيؤدّي الى حرمان عناصر الوحدات الثابتة (الإدارية) في الجيش والقوى الأمنية من تقاضي أي تعويض في نهاية الخدمة، والأهم أنه سيؤدّي الى حصولهم على رواتب تقاعدية هزيلة، تتراوح ما بين 1/6 ( سدس ) كحدّ أدنى و1/3 (ثلث) كحدّ أقصى، رواتب من يوازيهم في الفئات الوظيفية بين باقي موظفي القطاع العام، وذلك لسببين: الأوّل؛ الإجحاف الهائل الذي لحق برواتبهم من جراء سلسلة الرتب والرواتب، والثاني؛ عدم بلوغهم الــ40 سنة خدمة بحكم سن التقاعد المتدني لدى الأسلاك العسكرية، وهي المدّة التي تخوّلهم الحصول على 85% من الراتب الأخير، بالاضافة الى الحصول على مزيد من الدرجات. ولا شك في أن هذا التعديل سيترك انعكاسات شديدة الخطورة على مستقبل الجيش والقوى الأمنية، ستظهر تباعاً على المديين القريب والمتوسط.

– تخفيض قيمة منح التعليم بنسبة 15%.

– تخفيض مخصصات المحروقات بنسبة 30%.

– اقتطاع نسبة 3% من الرواتب للاستشفاء.

– استحداث ضريبة دخل على تعويضات نهاية الخدمة، وأكثر الذين ستطالهم هذه الضريبة هم العسكريون.

– تخفيض تعويضات الضباط والعسكريين المنتدبين لمتابعة دورات دراسية في الخارج.

وبالنسبة الى موازنة وزارة الدفاع ككل، فقد جرى تخفيضها بقيمة 450 مليار ليرة، وهي أعلى نسبة تخفيض بين جميع موازنات وزارات الدولة، وذلك على حساب التسليح والتجهيزات والتغذية وغيرها، لكنّ هذا التخفيض غير المسبوق لم يشف غليل أبطال الموازنة، ليعلنوها حرباً على الحقوق الشخصية للعسكريين.

فبالله عليكم أيّ عدالة أو بطولة تقوم على الاستنسابية والانتقائية في التعامل مع موظفي القطاع العام؟ يتجرأون على هذا ويخشون ذاك، كلّ حسب قدرته على شلّ مصالح الدولة والمواطنين.

كيف لهؤلاء المغاوير الشجعان أن يستكثروا ثمن اكليل من الزهر ترسله قيادة الجيش في مناسبة وفاة عسكري أو أحد أفراد عائلته، أوَصلَ بهم الحقد والغباء والاستخفاف الى هذا المستوى الوضيع؟

كيف لهم أن يحسموا من مخصصات المحروقات نسبة 30%، وهي مكتسب عمره من عمر الجيش، أيظنون أنها للترفيه وبالكاد تكفي لتنقل الضابط بين الشمال والجنوب والساحل وجرود البقاع، فيما يصرف ثلث راتبه الشهري بدل تصليح سيارته نتيجة هذه المسافات الطويلة؟

ثم كيف لهم ان يخفّضوا المساعدات المدرسية للعسكريين، في ظلّ رواتبهم الزهيدة وهي مصدر رزقهم الوحيد، كون الأنظمة العسكرية تحظر عليهم ممارسة أي عمل مأجور خارج وظائفهم؟

وأيضاً كيف لهم أن يحرموا الوحدات الادارية من تعويض تدبير الاستنفار رقم 3، قبل تعديل سلسلة الرتب والرواتب الحالية، التي جاءت مجحفة للغاية بحقوق العسكريين جميعاً، فأعطتهم زيادة 25% فقط، فيما أعطت سواهم ما بين 100% و160%، وذلك تحت ذريعة وجود هذا التدبير نفسه؟

اذا كانوا ابطالاً بحق، فليتجرّأوا على أولئك الموظفين أصحاب الرواتب الفاحشة، أو أولئك الذين لا عمل لهم سوى التنظير والتعاطي بالشؤون السياسية والحزبية.

إذا كانوا أبطالاً بحق، فليتجرّأوا على إلغاء الدرجات الإضافية التي أغدقت يميناً وشمالاً لغايات انتخابية على جميع موظفي القطاع العام باستثناء العسكريين، علماً أن التكلفة السنوية لهذه الدرجات تعادل تقريباً تعويضات تدبير الاستنفار رقم 3 الممنوحة للعسكريين المحالين على التقاعد سنوياً.

نحن حراك العسكريين المتقاعدين نقول لكم بالفم الملآن: لن نكون بعد اليوم في حال الدفاع عن حقوقنا المنتقصة أصلاً، بل سنصرّ على استعادة حقوقنا المسلوبة بمختلف الوسائل، وهي:

– تعديل سلسلة الرتب والرواتب الخاصة بالعسكريين لتحقيق المساواة كاملةً في أساسات الرواتب وقيمة الدرجات بينهم وبين سائر موظفي القطاع العام استناداً الى قاعدة الفئات الوظيفية.

– منح العسكريين شهرياً بدل ساعات إضافية عن تلك التي تتعدى ساعات عمل موظفي القطاع العام.

– منح العسكريين درجات إضافية أسوة بجميع الموظفين.

– إعطاء العسكريين درجات إضافية أخرى، تحتسب على أساس الفارق بين السنّ القانونية لاحالتهم على التقاعد، والسنّ القانونية لإحالة الموظفين المدنيين على التقاعد.

– احتساب الراتب التقاعدي للعسكريين على أساس 85% من الراتب الأخير في الخدمة، شرط بلوغهم السن القانونية المحددة للتقاعد.

عودٌ على بدء الى الحقوق المسلوبة در، موعدنا الدائم في ساحات الوطن، يقول العسكريون المتقاعدون.

بواسطةالعميد المتقاعد دانيال الحداد
مصدرليبانون فايلز
المادة السابقةبانتظار ساترفيلد: ماذا عن “نقطة “b1 والترسيم البحري؟
المقالة القادمةقضاة لبنان ماضون بالاعتكاف والتصعيد بمواجهة الحكومة