حرب الزيوت النباتية تقلص خيارات الفقراء في موائد رمضان

تسبب لهيب الحرب الروسية – الأوكرانية في أزمة عالمية في توفير الزيوت النباتية بعد قرار أوكرانيا وعدد من الدول حظر تصدير زيوت طهي الطعام، وخاصة زيت دوار الشمس، وسط توقعات بتزايد تفاقم الأزمة خلال الأشهر الستة المقبلة. وسيجد معظم السكان حول العالم ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنفسهم في مأزق على غير العادة وربما أكثر قليلا من تلك التي عاشوها أثناء الجائحة حيث من المرجح أن تضاعف المشكلة من تكلفة مكونات بعض الأطباق على الموائد الرمضانية.

وفي ظل هذا الوضع سيواجه المواطنون في المنطقة العربية وخاصة في الدول التي تعاني ضائقة مالية أو بسبب تعداد السكان مشكلة مزدوجة تتمثل في غلاء الأسعار وفقدان البعض من المواد الضرورية. ففي لبنان على سبيل المثال سيكون تأثير ارتفاع أسعار القمح وزيت الطعام والوقود أعمق خلال شهر رمضان وفقا لبرنامج الأغذية العالمي بعدما تسببت أزمة اقتصادية عميقة في ارتفاع الأسعار 11 مرة منذ 2019. وتحتاج الكثير من الوجبات إلى كميات كبيرة من الزيت الذي صار باهظ الثمن لكثيرين في لبنان ودول أخرى ذات أغلبية مسلمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد بكثافة على واردات الغذاء.

وكانت البطاطس المقلية الرخيصة من الأطباق الأساسية على مائدة اللبنانية منى العمشة في الأعوام الماضية، لكن مع ارتفاع أسعار زيت دوار الشمس باتت تخشى ألا تكون هذه المادة في المتناول خلال شهر رمضان. وقالت العمشة التي كانت تعيش مع أطفالها الثلاثة في حي فقير بالعاصمة بيروت لوكالة رويترز إنه “في 2021، حين كانت الأسعار مرتفعة بالفعل، كنت أستخدم نفس الزيت في طهو عدة أطباق. الآن لم يعد بمقدوري حتى فعل ذلك”.

وتوفر أوكرانيا وروسيا لوحدهما أكثر من 80 في المئة من صادرات زيت دوار الشمس العالمية وقد قفزت أسعاره في الأسواق الدولية بنحو 64 في المئة خلال أسبوع واحد مع نهاية مارس الماضي. وفي أواخر فبراير الماضي عندما بدأ الحرب في أوكرانيا قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) إن مؤشرها للزيوت النباتية قفز 8.5 في المئة إلى مستوى قياسي.

وذكرت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية في مذكرة بحثية الشهر الماضي أن زيت دوار الشمس يمثل 9 في المئة من استهلاك الزيت النباتي العالمي، وهو مصدر مهم للزيت النباتي بالنسبة إلى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والاتحاد الأوروبي. وزاد سعر زجاجة زيت دوار الشمس بنحو عشرة أمثال ما كان عليه قبل ثلاثة أعوام. ونظرا لشح الواردات حددت المتاجر زجاجة واحدة لكل مشتر. وقالت العمشة “لا أستطيع حتى إعداد طبق من البطاطا المقلية لأطفالي”. ويؤثر الارتفاع الجنوني في الأسعار بشدة على النازحين واللاجئين وغيرهم من الفئات المتضررة في المنطقة وخاصة في لبنان واليمن وسوريا والأردن.

وذكر برنامج الأغذية العالمي أن قرابة 90 في المئة من 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان يعيشون بالفعل في فقر مدقع ويعتمدون على المساعدات الغذائية. كما يشعر بالقلق اللاجئون السوريون في مصر البالغ عددهم نحو 130 ألفا وسط تعداد سكاني تجاوز مئة مليون نسمة. ومصر عادة هي أكبر مستورد للقمح في العالم وتضررت بفعل الارتفاع الحاد في أسعار القمح العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا. ويؤثر ارتفاع أسعار الغذاء أيضا على الجمعيات الخيرية التي تكثف من مساعدة الأسر الفقيرة في رمضان عادة.

وفي لبنان تواجه الجمعيات الخيرية ضغوطا بالفعل. وقالت رشا بيضون التي ترأس منظمة “ميك أديفرنس” الخيرية التي توزع سلعا أساسية على الأسر الفقيرة في لبنان “الطلب أكبر بكثير مما لدينا”. وأوضحت أن الأسر التي كانت قادرة على شراء زيت الطعام الذي كان سعره في المتناول في وقت ما، باتت الآن تطلب إضافته إلى المنح الغذائية، لكن جمعيتها تجد صعوبة في توفير إمدادات كافية. وأضافت “في رمضان ستصوم بعض الأسر بلا إفطار”. واضافت “ليس لديها ما تأكله.. لا بعد المغرب ولا قبله”.

وتأتي هذه الوضعية القاسية بينما دعت ماري بانغيستو المديرة المنتدبة لشؤون سياسات التنمية في البنك الدولي خلال مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية الخميس إلى تقديم المزيد من الدعم للفقراء في العالم مع ارتفاع أسعار الغذاء بفعل الصراع في أوكرانيا. وقالت من دبي إن “الأمر لا يتعلق كثيرا بتوافر الغذاء، لأن الإنتاج في هذه اللحظة كاف سواء كنا نتحدث عن القمح أو الأرز أو الذرة، وهي المنتجات الغذائية الرئيسية”. وأكدت بانغيستو على ضرورة توسيع البرامج التي تقدم دعما غذائيا خصوصا في مواجهة المخاطر المتعلقة بالمناخ أيضا.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةأزمة أوكرانيا تضع تكاليف التأمين في مسار متصاعد
المقالة القادمةأسعار الخضار والفاكهة “نار” بالنصب والسرقة فهل بدأ زمن الشراء “بالحبّة”؟!