حرب شرق أوروبا تعيد تشكيل أسواق النفط العالمية

أعاد الحرب في شرق أوروبا تشكيل سوق النفط العالمية فتقدم مورّدون من أفريقيا لتلبية الطلب الأوروبي، في حين تسعى روسيا، التي ترزح تحت وطأة عقوبات غربية، للاستفادة بشكل متزايد من عمليات نقل خطرة من سفينة إلى سفينة لتوصيل الخام إلى آسيا.

ويمثل هذا التحول في المسارات أكبر تغيير على جانب العرض في السوق العالمية لتجارة الخام منذ أن غيّرت ثورة النفط الصخري الأميركي شكل السوق قبل نحو عشر سنوات.

كما يشير إلى أن روسيا ستكون قادرة على التحايل على حظر نفط قد يفرضه عليها الاتحاد الأوروبي إذا استمرت دول آسيا وخاصة الصين في شراء خاماتها.

وتواجه دول الاتحاد صعوبات في الاتفاق على عقوبات نفطية ضد موسكو، بعد أربعة أسابيع تقريبا من اقتراح المفوضية الأوروبية لفرضها.

وأدى هذا الوضع إلى ارتفاع العقود الآجلة للنفط الاثنين لتبلغ أعلى مستوى لها منذ شهرين عند حوالي 120 دولارا للبرميل.

ودفعت العقوبات التي فُرضت على موسكو بعد بدء الحرب في فبراير الماضي، والتي تشمل حظرا أميركيا على الواردات، روسيا إلى الابتعاد عن أوروبا والتوجه إلى مشترين في الهند والصين يحصلون على شحنات بتخفيضات كبيرة وفقا لبيانات القطاع والتجار.

وأفادت بيانات وكالة الطاقة الدولية بأن الصادرات الروسية عادت إلى مستويات ما قبل الحرب في أبريل الماضي، واستقرت أسعار النفط قرب مستوى 110 دولارات للبرميل بعد أن بلغت أعلى مستوياتها في 14 عاما عند 139 دولارا للبرميل في مارس الماضي.

ويقول محللون إنه حتى لو اتفق الاتحاد الأوروبي على حظر النفط في الجولة التالية من عقوباته على روسيا، فإن الطلب الآسيوي يمكن أن يعوض أثر ذلك الحظر.

وقال نوربرت روكر من مجموعة جوليس بير لوكالة رويترز “لا نتوقع اتساع فجوة المعروض أو ارتفاع الأسعار ما لم يمارس الغرب ضغوطا دبلوماسية على المشترين الآسيويين”.

ومنعت مجموعة العقوبات المتشابكة والمعقدة التي فرضتها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي على موسكو السفن المملوكة لروسيا أو التي ترفع علم روسيا من دخول الموانئ.

وهذا يعني أن بعضا من التجارة المتزايدة لدول آسيا تتم عن طريق نقل الشحنات من سفينة إلى أخرى في عرض البحر، وهي عملية مكلفة وتنطوي على مخاطر تسرب الخام.

ووفقا لشركة بترو-لوجيستكس لتعقب ناقلات النفط وبيانات أخرى، فإنه بشكل عام، فقد قفزت تدفقات النفط الروسي إلى آسيا بحرا بنسبة 50 في المئة على الأقل منذ بداية العام الحالي.

وتحول نقل الشحنات من سفينة إلى أخرى، والذي يمثل نسبة ضئيلة من حجم التجارة البحرية، من الساحل الدنماركي إلى البحر المتوسط لتجنب العقوبات والاعتراضات.

وقال مارك غيربر رئيس بترو-لوجيستكس، إن “النقل من سفينة إلى أخرى كان شائعا في المياه الدنماركية عند مدخل بحر البلطيق”.

وأوضح أنه لم يعد ذلك يحدث هناك، لكن نقل الشحنات من ناقلة مفروض عليها عقوبات إلى أخرى لا تشملها العقوبات زاد في مياه البحر المتوسط الأدفأ والمواتية أكثر.

وقدر غيربر كميات الخام والمنتجات النفطية الروسية التي تنقل من سفينة إلى أخرى في البحر المتوسط بنحو 400 ألف برميل يوميا يذهب أغلبها لآسيا إضافة إلى 2.3 مليون برميل يوميا تذهب بشكل مباشر.

وفي يناير الماضي كان نحو 1.5 مليون برميل يوميا تذهب مباشرة إلى آسيا.

ويقول تجار إن الخام الروسي يحمل على سفن أفراماكس أو سويزماكس التي تنقل أقل من مليون برميل وتنقل الشحنات في البحر إلى سفن أكبر حجما تسع مليوني برميل مما يقلل تكلفة الشحن.

والشحنات المنقولة بحرا مجرد جزء من إجمالي الصادرات الروسية. وارتفع إجمالي الصادرات الروسية من الخام ومنتجاته، ومنها المنقولة عبر خطوط الأنابيب، إلى ما يزيد قليلا عن ثمانية ملايين برميل يوميا وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.

ومن أجل تعويض الخام الروسي، تحولت المصافي الأوروبية، إلى استيراد خامات من غرب أفريقيا. وزادت هذه الواردات بنسبة 17 في المئة في أبريل الماضي بالمقارنة بمتوسط الفترة من 2018 إلى 2021 وفقا لبيانات بترو-لوجيستكس.

وتظهر بيانات أيكون زيادة كذلك. وتشير إلى أن 660 ألف برميل يوميا معظمها من نيجيريا وأنغولا والكاميرون وصلت إلى شمال شرق أوروبا منذ بداية مايو الجاري منها ثلاث شحنات من خام أمينام النيجيري بالمقارنة مع شحنة واحدة في فبراير.

وفي الوقت نفسه يقول جيربر إن شحنات خامات غرب أفريقيا إلى الهند انخفضت إلى النصف تقريبا فجرى شحن 280 ألف برميل يوميا في أبريل انخفاضا من 510 آلاف برميل يوميا في مارس مع تحول نيودلهي إلى الخام الروسي.

ومع الزيادة الكبيرة في الطلب الأوروبي يقول تجار القطاع إن أسعار خامات نيجيريا الخفيفة منخفضة الكبريت على وجه الخصوص ارتفعت إلى مستويات قياسية.

وزادت الإمدادات من شمال أفريقيا إلى أوروبا بنسبة 30 في المئة منذ مارس وفقا لبترو-لوجيستيكس.

ومن هذه الشحنات، تشير بيانات أيكون إلى أن الشحنات الواصلة إلى شمال غرب أوروبا من ميناء سيدي كرير المصري، والذي يقول محللون إنه من المرجح أن يكون خاما سعوديا، ستزيد إلى مثليها تقريبا بالمقارنة بشهر مارس آذار لتتجاوز 400 ألف برميل يوميا في مايو أيار.

وزادت الولايات المتحدة كذلك إمداداتها لأوروبا. وقالت كبلر إن واردات الخام الأوروبية من الولايات المتحدة في مايو ارتفعت بأكثر من 15 في المئة عنها في مارس وهو أعلى ارتفاع شهري مسجل.

وبحسب البيانات المتعلقة بتتبع سفن الشحن، فقد أفرغت أوروبا نحو 1.45 مليون برميل يوميا من النفط الخام الذي وردته من الولايات المتحدة.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالسياحة والترفيه يجذبان الشركات الفرنسية للدخول في الفرص الاستثمارية السعودية
المقالة القادمةانتعاش الليرة يخفض أسعار الخبز في لبنان