قبل اكتشاف الغاز، وقبل انتاجه وبدء جني إيراداته، تلوح بوادر معركة حول تلك الإيرادات، هل تمرّ عبر النظام المالي العالمي بشكل طبيعي، أو تخضع لهواجس «حزب الله» الراغب في استخدام قنوات أخرى خوفاً من العقوبات الأميركية؟ هذا النقاش وصفه مصدر مقرب من «الكونسورتيوم» العامل في حفر البلوك رقم 9 بـ»الكلام الفارغ»، إذ كيف لشركة «توتال»، على سبيل المثال، أن تقبل طروحات «الحزب»،»هذا مستحيل!». وأكدت مصادر مالية معنية أنّ «هواجس «حزب الله» تعنيه وحده، ولا يجوز له أن يأخذ لبنان برمته رهينة في سياق هواجسه الخاصة». وقالت: «إنّ الإيرادات المحتملة هي ثروة وطنية، ولا ننسى أن هناك استثمارات لشركات عالمية لا يمكن لها إلا العمل وفق النظام المالي العالمي، ولا يمكن أن تساير في هذا الأمر على الاطلاق، وإلا فإنّ مشاريع الحفر والانتاج برمتها تصبح موضع إعادة نظر شاملة».
وأضافت المصادر أن «معظم احتياطات مصرف لبنان موظفة أو مودعة في بنوك مراسلة عالمية، كما أنّ للمصارف اللبنانية حسابات مفتوحة في الخارج، وليس هناك أي خوف على تلك المليارات ما دامت بعيدة عن تمويل الإرهاب وتبييض الأموال. أما زجّ ايرادات الغاز المحتملة في دوائر الشكوك منذ الآن، كما بدأ يفعل «الحزب»، فلا معنى له على الاطلاق، إلا إذا اعتبر «حزب الله» ان له في تلك الايرادات حصة الأسد او له حق الـ»فيتو» في قرار التصرف بها، بحجة أنه كان عاملاً مساعداً في مسألة الترسيم البحري»!
مصادر أخرى حذّرت مما يحاول «الحزب» تمريره، «بحيث يضع نفسه حجرة عثرة أمام إقرار مشروع قانون إنشاء صندوق الثروة السيادية بذريعة ان له رأياً خاصاً بشأن الايرادات، وأنه لا يريدها تحت السيطرة الاميركية. فهذا المشروع الذي استغرق إعداده سنوات طويلة صار صعب الإقرار بسهولة، وسيتحول مادة خلاف سياسي واستراتيجي إضافي بين «الحزب» من جهة، وكل الآخرين من جهة ثانية».
وقال نائب معني بالصندوق السيادي: «للحزب مقاربة على الطريقة الايرانية والروسية والكورية الشمالية، بحيث يفكر في عدم استخدام نظام «سويفت» العالمي، ويطرح إذا لزم الأمر التعامل بعملة غير العملة الاميركية، علماً أن رواتبه ومداخيله بالدولار الاميركي، مثلما يمعن في تنظيرات الاتجاه شرقاً. وهذا ما لا يمكن القبول به، لئلا تتفاقم أزمتنا على نحو لا يمكن معه توقّع الخروج من الكارثة المالية التي نحن فيها. فطروحات «الحزب» هي أسرع طريق لتحول لبنان من دولة شبه فاشلة أو متعثرة الآن الى دولة منبوذة عالمياً».
وتختم المصادر بالاشارة الى «ضرورة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حتى يستطيع لبنان العودة الى أسواق المال الدولية، ويستطيع إطلاق مفاوضات مع حملة سندات «اليوروبوندز» الذين يتربصون بإيرادات الغاز، إذا لم يتوصلوا الى اتفاق مع لبنان».