في نهاية حزيران تنتهي المهلة الثانية التي أعطيت للمصارف لزيادة رؤوس أموالها بنسبة 20%، تحت طائلة تلويح مصرف لبنان تكراراً ومراراً بتداعيات مرتقبة على المصارف التي لا تلتزم بضرورة إنجاز هذه الزيادة. تلك كانت المبادرة الأولى التي أطلقها “المركزي” بعيد ثورة 17 تشرين وبدء أزمة المصارف والإقبال على السحوبات وتهاوي الليرة الوطنية. فمنذ ذلك الحين تقدّم عدد كبير من المصارف للحصول على طلبات لزيادة رأس المال التي انقسمت إلى نسبة 10% كمرحلة أولى لغاية كانون الأول 2019، والنسبة المتبقية مؤجلة حتى نهاية حزيران 2020.
وبينما أقدم أصحاب ومساهمو عدد من المصارف على زيادة نسبة الـ 10% الأولى فقط من دون اتضاح مسار الأمور لديهم بعد في ما خصّ نسبة الـ 10% المتبقية، يبقى الإصرار على رفع رؤوس أموال البنوك بحسب مصادر المصرف المركزي، بهدف تقوية القطاع المصرفي في وجه الأزمات وتهاوي التصنيفات العالمية للبنان، وتحسباً لأي بلبلة في القطاع ضمن “همروجة” الدمج المرتقبة التي تتفاوت آلية تنفيذها بين الحكومة التي تريد خفض عدد المصارف الى النصف وبين “المركزي” وجمعية المصارف المتمسكَين باستقلالية القطاع المصرفي في تحديد مصير القطاع وحجمه.
إذاً، يحل حزيران كمحطة مفصلية بالنسبة للقطاع المصرفي في ظل اختبار زيادة رأس المال الآتي لا محالة عاجلاً أم آجلاً، واللافت، كما أوضح الخبير الإقتصادي روك أنطوان مهنا لـ”نداء الوطن”، أن “نسبة الإلتزام من المصارف في زيادة رأسمالها بلغت تقريباً 5% من أصل الـ20% المنشودة”، لافتاً الى أن “رفع رأس المال يجب أن يتم من “أموال خارجية” وليس “داخلية” الأمر الذي لم يحصل بعد”.
وعن آلية التمويل يوضح أن “توفير الأموال الخارجية تتمّ، من خلال بيع الأصول أو الإستثمارات أو بيع أصحاب المصارف الفروع التي لديها في الخارج، أو من خلال ضخّ أموال جديدة من المساهمين، أو أخيراً عبر مودعين كبار يعرضون القيمة الحقيقية لأسهمهم بـ fresh funds بشكل اختياري طبعاً”. وأضاف: “في حال لم تتمكن المصارف من إنجاز تلك الزيادة فسيصار الى دمج المتعثّرة مع أخرى ذات ملاءة جيدة”.
ورداً على سؤال، يرى مهنا أنّ “الدمج ضرورة، والبداية يجب أن تبدأ من خفض ثلث فروع المصارف التي تبلغ نحو 1045 فرعاً إلى الثلثين، ما يحدّ من كلفة القيمة التشغيلية وتقوية القطاع ودعمه”، معارضاً في الوقت عينه “فكرة سدّ فجوة الدين من خلال الـ Bail In أو الإقتطاع من ودائع اللبنانيين”.
باختصار، المصرف الأكثر قدرة على الصمود وزيادة رأسماله هو الأوفر حظاً في البقاء. لذلك يتوقّع مصدر مصرفي لـ”نداء الوطن”، أن يتمّ تمديد فترة زيادة رأس المال إلى ما بعد حزيران لمنح الفرصة للمصارف لإثبات نفسها في معركة الوجود مع الحكومة التي تريد أن تمرّر الموسى على المودعين من خلال اقتطاع نسبة 60% من قيمة الودائع، و”تجزّ” المصارف الى النصف ضمن خطة إعادة الهيكلة. في حين أن المفروض أولاً، إعادة جدولة الدين العام، وثانياً، تسهيل البنك المركزي العلاقة بين المودعين والبنوك، وثالثاً، إعادة هيكلة القطاع المصرفي بالدرجة الأخيرة والتي تتجاوز بأهميتها مسألة زيادة رأس المال”.