قد يكون خبر حظر مصر استيراد 23 صنفاً من المأكولات والأدوات والمركبات لمدة ثلاثة أشهر، بهدف الحد من خروج العملة الصعبة من مصرفها المركزي، أمراً عادياً في ظل الازمة الاقتصادية التي تعانيها وبرنامج الاصلاحات الذي تطبقه مع صندوق النقد، لكنه لافت ويضع الاصبع على الجرح اذا ما تمت مقارنة هذا الاجراء «البديهي» مع ما يحصل في لبنان من تفلت في الاستيراد وخروج مليارات الدولارات سنوياً، بالرغم من أننا لا نزال نتخبط في وحول الازمة ومن دون التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد.
تجدر الاشارة الى أن القرار اتخذ في مصر يوم الاربعاء 5 تموز وسيستمر مفعوله 3 أشهر لغاية تشرين الاول المقبل، ويشمل سلعاً مثل الاثاث المنزلي والمطبخي والاجهزة الكهربائية والملابس والاحذية والشنط، والادوات الصحية والبلاط والدهان والاكسسوار الحريمي بكل أشكاله والهواتف الذكية واكسسواراتها، والنجف والولاعات والعاب الاطفال وادوات المائدة واطارات السيارات ومستلزمات اعياد الميلاد والفواكه والاطعمة والاسماك المجمدة، وماكينات الطباعة والاحبار والشاي والقهوة والسيارات والتوكتوك.
كما أقر مجلس النواب المصري، عدداً من التعديلات التي تسمح باضافة رسوم جديدة على بعض الخدمات والسلع، منها مغادرة أراضي الجمهورية المصرية، ورسم 3 بالمئة من قيمة كل سلعة تشترى من الأسواق الحرة بحد أدنى دولار ونصف الدولار بما فيها ليتر واحد من المشروبات الروحية و10 بالمئة من قيمة كل ليتر إضافي منها المصرح بها للاستعمال الشخصي، 2 بالمئة رسم من قيمة المنتج النهائي للسلع المعمرة بأنواعها، و10 بالمئة على أسماك السالمون و»جمبري» واستاكوزا واسماك الأنشوجه والكافيار والثمار القشرية والفواكه الطازجة أو المجففة والبن المحمص والشكولاتة، والطواحين والخلاطات واجهزة الحلاقة ذات محرك كهربائي ومجففات الشعر والأجهزة الكهربائية لتصفيف الشعر وأجهزة إعداد القهوة والشاي ومحمصات الخبز للاستخدام المنزلي، وسماعات الرأس وسماعات الأذن وساعات اليد والجيب وترسكلات واسكوترات وعربات ذات بدال وقداحات السجائر وغيرها من القداحات، ورسم 5 بالمئة من قيمة المنتج النهائي للمشروبات الغازية بأنواعها وزيادة ضريبة دخول المسرح والملاهي.
ولنا في لبنان عبرة من مصر لمن يريد الاعتبار، اذ يشرح الخبير الاقتصادي صلاح عسيران لـ»نداء الوطن» أهمية هذا الاجراء بالقول: «الجمهورية المصرية تريد المحافظة على النقد الاجنبي في السوق الداخلي وعدم خروجه من البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، ومن جهة ثانية لدعم التصنيع المحلي وخلق الوظائف، لذلك وضعوا عقبات على استيراد العديد من السلع»، لافتاً الى أنه «مقارنة مع لبنان الذي هو بأمس الحاجة للابقاء على العملة الصعبة داخل البلد، نرى أن المسؤولين السياسيين يفتحون الباب على مصراعيه للاستيراد من دون اي حماية للانتاج الوطني وفي مخالفة واضحة لقانون موازنة 2022».
يضيف: «هناك بند واضح وصريح في الموازنة وهو وضع 10 بالمئة رسوم جمركية اضافية على كل ما يصنع في لبنان مثيلا له ويكفي 75 بالمئة من السوق المحلي، لكن هذا البند لم يطبق وهناك عشرات السلع التي تصنع في لبنان وتكفي السوق المحلية وتتمنع الحكومة عن تنفيذ القانون خوفاً على مصالح تجار ومستوردين نافذين».
ويختم: «للمثال، قد يكون حظر استيراد الحبر دليلاً على التفكير الاستراتيجي للمسؤولين في مصر، فالبرغم من ان هذه الخطوة قد تسبب «أزمة» في صناعة الطباعة، لكن الهدف هو تشجيع صناعة الحبر داخل مصر وتخفيف خروج العملة الصعبة منها».