أعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب النائب ابراهيم كنعان بعد ترؤسه اجتماع اللجنة لدرس «اقتراح قانون إطار لإعادة التوازن للانتظام المالي في لبنان»، أن «قانون التوازن المالي أحيل الينا في اللجنة وتفاجأنا بعدم حضور ممثلي الحكومة ولا مقدمي الاقتراح ولدينا ملاحظات كبيرة على الصيغة المحالة امامنا».
اضاف: سيتم التعاطي بأعلى درجات المسؤولية مع اقتراح التوازن المالي، وكل الاقتراحات التي لها علاقة بأموال المودعين واستعادة الثقة ونحن مع المناقشة ولسنا مع التأخير والتعجيز.
ولفت إلى أن «الصيغة المقدمة للتوازن المالي معدة من الفريق الحكومي وقد اخذ برأي مصرف لبنان، لذلك النقاش الاساسي يجب ان يحصل معهم كواضعي القانون حول الملاحظات الكثيرة التي لدينا».
أضاف: سأبلغ رئيس الحكومة بموقف لجنة المال من القانون واتمنى تعاطي الحكومة وممثليها بالجدية نفسها التي نتعامل بها مع هذا القانون
ملاحظات عدد من النواب
أعد عدد من النواب ملاحظات أولية على المشروع جاء فيه ما يلي: أعدّت الحكومة مشروع قانون حدّدت في مادته الأولى هدفه الأساسي بأنه «الإطار القانوني العام لمعالجة الفجوة». وجاء في المادة نفسها «وفقاً لأولوية تضمن حماية حقوق المودعين الى أقصى حدّ ممكن».
وهنا نسأل من يحّدد «الممكن» وما هي نسبته؟ وألا يجب أن يكون القانون أكثر وضوحاً والزاماً خاصة بالنسبة لقضية بهذه الحساسية والأهمية كي لا تبقى حقوق المودعين عرضة للاستنساب كما حصل في السنوات الثلاث الماضية؟
كما جاء في المادة نفسها اشارة الى «إعادة رسملة مصرف لبنان وإطفاء الخسائر… ضمن الإمكانيات المتاحة».
السؤال هنا بشقين: الأول كيف وعلى حساب من سيتمّ إطفاء الخسائر وما هو حجمها؟ أما الشق الثاني للسؤال فيتعلق بالأمكانيات المتاحة ومن يحددها؟
إعادة رسملة مصرف لبنان
جاء في المادة الثانية: «بغية تحديد الوضعية المالية الفعلية وحجم الفجوة المالية لمصرف لبنان… يتمّ إجراء تدقيق محاسبي لميزانية المصرف. ويصار بنتيجته الى معالجة الفجوة المالية من خلال تخفيض قيمة توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان بالعملات الأجنبية».
وهنا نسأل تدقيق من ومتى وكيف؟ وأين أصبح التدقيق الجنائي؟ وما حجم تخفيضات توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان ووفق أي معيار، وما مدى انعكاسها على الودائع ؟
نصّت المادة الثالثة على «بغية حماية حقوق المودعين تقوم الدولة بالمشاركة الى أقصى حدّ ممكن في استعادة الملاءة المالية لمصرف لبنان بالعملة الصعبة وذلك عن طريق:
1 – إعادة رسملة مصرف لبنان بمليارين ونصف مليار دولار من خلال سندات مالية و/أو أي وسيلة أخرى يتمّ تحديدها بموجب مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية.
2 – إتخاذ ما يلزم في سبيل إستعادة الأموال المتأتية من جرائم الفساد وفقاً للقوانين النافذة سيّما القانون رقم 214 تاريخ 8/4/2021 ( قانون إستعادة الأموال المتأتية من جرائم الفساد ).
3 – معالجة قسم من التزامات مصرف لبنان للمصارف بشكل يؤمن تغطية الديون التي قد تكون مستحقة للمصارف تجاه مصرف لبنان.
نعود الى عبارة «الممكن» لتصبح ترجمتها في القانون مليارين ونصف مليار دولار، في وقت تتحدث الخطة المعدّة من الحكومة وصندوق النقد عن 72 مليار دولار من الخسائر وفجوة في مصرف لبنان تناهز السبعين مليار دولار. ولكن الأدهى من خلال سندات مالية و/أو أي وسيلة أخرى يتم تحديدها من خلال مراسيم. وهنا نسأل أيضاً عن أي سندات مالية نتكلم ولبنان ودولته بحالة انهيار مالي كبير؟
أما المصدر الثاني لرسملة مصرف لبنان ومعالجة الفجوة المالية فيعود للأموال «المنهوبة» وفقاً للقانون الذي اقرّ في لجنة المال والموازتة منذ العام 2021 مع غيره من القوانين لمكافحة الفساد ولم يحاسب أي شخص او يستعاد أي دولار.
وأخيراً المصدر الثالث لمعالجة الفجوة المالية في مصرف لبنان حسب قانون الحكومة يقوم على معالجة ما سمّي بقسم من التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف. والسؤال هنا من أين وكيف؟ إذا كان لا سيولة في مصرف لبنان والدولة؟!
تتحدث المادة الرابعة عن «إطفاء العجز في رأس مال مصرف لبنان بالعملة اللبنانية بشكل تدريجي… ويتمّ الغاء الأعباء المؤجلة… وشطب سائر الخسائر المؤجلة». السؤال هنا على حساب من، وما هو تحديد وحجم الخسائر المؤجلة المقرر شطبها وما انعكاس ذلك على الودائع؟
معالجة الواقع الحالي للودائع المصرفية
تقول المادة الخامسة في هذا القسم «من أجل تحديد تداعيات وتأثير أزمة القطاع المالي على الودائع، تتمّ معالجة أوضاع المصارف عن طريق إعادة هيكلتها أو تصفيتها وفقاً… لقانون معالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها.
أين هو هذا القانون؟ منذ ثلاث سنوات وحتى اليوم لم يصل الى المجلس النيابي وهو لبّ المشكلة مع قانون تحديد الفجوة المالية.
أما المادة السادسة من هذا القسم فتميز بين ما سمي بالودائع المؤهلة وغير المؤهلة على الشكل التالي:
الودائع غير المؤهلة هي التي حولت الى عملات أجنبية بعد تاريخ 17 تشرين الأول 2019 وفقا لسعر صرف تعامل مصرف لبنان مع المصارف أي 1507،5 ليرة للدولار.
ويعتبر بحكم الودائع غير المؤهلة جميع العمليات أو الأدوات التي يكون مصدرها أموالا غير مؤهلة ( تحاويل مصرفية، شيكات، أو غيرها من العمليات أو الأدوات…).
ما هو مصير هذه الودائع؟ وما هي مسؤولية مصرف لبنان والمصارف في هذه الحالة؟ وهل يجوز تحميل المودع مسؤولية التحويل؟
المادة السابعة: «يقتضي معالجة الودائع لدى المصارف وفقاً لما يلي:
1 – تسديد المبالغ التالية من مجموع الودائع المؤهلة لكل مودع في المصارف القابلة للاستمرار بحسب التعريف المذكور في قانون معالجة أوضاع المصارف… وعلى أن يجري احتسابها على مستوى القطاع المصرفي ككل وذلك وفقا لما يلي:
أ – مبلغ 100 الف دولار في حال كان مبلغ الودائع المؤهلة يساوي أو يتجاوز 100 الف دولار أو ما يوازيه من سائر العملات الأجنبية.
ب – كامل مبلغ الودائع المؤهلة في حال كان مجموعها يقل عن مبلغ 100 الف دولار أو ما يوازيه من سائر العملات الأجنبية.
تناقض هذه المادة ما نصت عليه المادة 11 من هذا القانون الوارد فيها ما يلي: «يرتبط استرجاع الودائع أو أي قسم منها بوضعية كل مصرف وملاءته وسيولته، بعد أن يكون قد خضع لأحكام قانون معالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها».
فاستعادة الودائع سيمرّ بمسلسل تصفيات حتى يبلغ – بما فيه الـ 100 الف دولار – عتبة اعادة تنظيم المصارف وتصفيتها !!
وجاء في المادة نفسها «تضع الهيئة المصرفية العليا، بصفتها الهيئة المختصة بإعادة هيكلة المصارف، آلية ومعايير موحدة لتحويل كامل أو جزء من رصيد المبلغ المحدد في المادة السابعة الى الليرة على أساس سعر منصة صيرفة الذي سيصبح سعر السوق عند توحيد أسعار سعر الصرف».
من مسلسل التصفيات…
2 – «اجراء ما يلزم لمطالبة أصحاب الودائع المؤهلة في المصارف القابلة للاستمرار الذين حولوا هذه الودائع الى الخارج أو استعملوها، بإعادة دفع ما يوازي قيمة فائض الفوائد التي استحصلوا عليها اعتباراً من 2015 ولغاية صدور هذا القانون».
على ضمانة من؟ ووفق أي قانون؟ أين أصبح قانون الأموال المحولة الى الخارج؟ وما هي نتيجة التعاميم التي أصدرها مصرف لبنان في هذا الشأن؟
3- معالجة رصيد المبالغ موضوع البنود (1) و (2) و (3) أعلاه من الودائع المؤهلة لدى المصارف عبر تحويله الى أدوات رأسمالية و/أو تملك أوراق مالية مصدرة من صندوق استرجاع الودائع و/أو من خلال أي إجراء ينصّ عليه قانون معالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها».
هذا يعني ربط كل ما سبق بحقوق نظرية للمودعين بسندات مالية وصندوق خال من المصادر التمويلية: «سمك في البحر»…
المادة التاسعة: «تخضع الودائع المؤهلة وغير المؤهلة في المصارف القابلة للاستمرار لأحكام قانون معالجة أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها…». أين هو هذا القانون الذي لم يحل بعد الى المجلس النيابي وبالتالي غير موجود؟!
المادة الحادية عشرة: «يرتبط استرجاع الودائع أو أي قسم منها بوضعية كل مصرف وخصوصاً ملاءته وسيولته، بعد أن يكون قد خضع لأحكام قانون معالجة أوضاع المصارف».
تناقض مع ما ورد في بداية المادة السابعة التي تتحدث عن تسديد المبالغ من مجموع الودائع المؤهلة بحسب قانون معالجة اوضاع المصارف (غير الموجود) على أن يجري إحتسابها على مستوى القطاع المصرفي ككل.
إنشاء صندوق استرجاع الودائع
المادة الثالثة عشرة: «ينشأ بموجب هذا القانون صندوق خاص يسمى صندوق استرجاع الودائع. غايته بشكل أساسي المساهمة بتأمين استرداد رصيد الودائع المؤهلة مهما كانت قيمتها، والى تخصيص بعض الايرادات المستقبلية لهذه الغاية وذلك عند تطبيق مندرجات هذا القانون». كيف ومن أين؟
تتحدث المادة الخامسة عشرة عن هيئة عامة مستقلة لادارة موجودات الصندوق التي يجب أن تتكون بشكل خاص من:
1 – «جزء من أصول المصارف بما في ذلك قسم من عائداتها وايداعاتها لدى مصرف لبنان وشهادات الايداع الصادرة من قبله لصالحه».
هل من قيمة فعلية لهذه الموجودات بعد الانهيار؟ أين التدقيق بأصول المصارف وموجوداتها الخ؟
«عند قيام مصرف لبنان بتحويل شهادات الايداع و/أو الودائع المذكورة تشطب من ميزانية مصرف لبنان وتعتبر الحقوق المالية التي تنتج عن هذا التحويل بمثابة مقدمات عينية يودعها المصرف المعني في الصندوق…».
يعني ذلك تبادل «ورقة المعلاق» بين المصرف المركزي والمصارف وشطب ديون و»المعلاق اكلوه وبعتو ورقتو على الصندوق»…
2 – «مساهمة مالية من المصارف توازي نسبة من أرباحها». ما نسبتها أو قيمتها؟
3 – «تحويل حقوق مصرف لبنان المتعلقة بامكانية استفادته من ايرادات الأموال المسروقة والمهربة وغير المشروعة «. لا تعليق…
4 – «تخصيص الدولة بعض الايرادات المستقبلية لصالح الصندوق إذا توفرت الشروط التالية:
تجاوز هذه الايرادات معايير محددة مقارنة بدول مشابهة.
وصول الدين العام الى أقل من المستوى المستهدف.
المحافظة على النفقات الاجتماعية وعلى امكانية تمويل أي عجز في الموازنة من غير مصرف لبنان.
إتمام برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي بنجاح».
شروط تعجيزية وفي أحسن الأحوال يطغى عليها الاستنساب والعموميات.
المادة السادسة عشرة: «تنفيذاً للمهام المنوطة به يصدر الصندوق لصالح المودعين أوراقا مالية للمصارف كل بنسبة مساهمته في الصندوق». النتيجة ورقة…
المادة العشرون: «تلغى جميع النصوص المخالفة لأحكام هذا القانون والتي تتعارض مع مضمونه».
كارثة… الغاء قوانين تكرّس حقوقاً من دون أي مردود عملي!