شركات السيارات تسعى للانتقال إلى مرحلة أكثر تطورا في مجال ربط المركبات الحديثة.
تسعى بعض شركات السيارات للانتقال إلى مرحلة أكثر تطورا في مجال ربط المركبات الحديثة، سواء أكانت كهربائية أم ذاتية القيادة، بالإنترنت عبر عدة أدوات لتفعيل خصائص يحتاجها السائق. لكن في المقابل قد يكون هذا الاتصال عبارة عن “قنابل موقوتة” قد تزيد من المخاطر ما يتطلب العمل على حلها حتى لا تكون السيارات المتصلة مجرد أدوات بلا قيمة.
يتزايد اهتمام المصنعين بجلب أحدث ما بلغته التكنولوجيا إلى السيارات الحديثة من أجل بلورة مفهوم “السيارات المتصلة”، الذي تعمل عليه شركات التقنية الكبرى، والذي يسمح بربط المركبات مع شبكة الإنترنت عبر مجموعة متنوعة من الأدوات.
وهناك أسباب كثيرة تدعو أصحاب السيارات لاستعمال الإنترنت أثناء القيادة، حيث يمكن للأطفال على المقعد الخلفي مشاهدة الأفلام أثناء الرحلات الطويلة، كما يمكن لقائد السيارة الاستماع لخدمات البودكاست أو الموسيقى المفضلة أثناء التوجه للعمل كل صباح.
ولكن كثيرا ما ينزعج أصحاب السيارات بسبب عدم تمكنهم من تشغيل بعض التطبيقات بسلاسة في السيارة، وهذا يرجع في أغلب الأحيان إلى طريقة وصول شبكة الإنترنت إلى السيارة وكيفية توزيعها.
وأوضح هولغر إيبن، من مجلة أوتو تسايتونغ الألمانية أن الهواتف الذكية توفر الكثير من الوظائف المفيدة للمستخدم، وهو ما ينطبق على وظيفة الإنترنت في السيارة نظرا لأن الاتصال بالشبكة العنكبوتية يتم عن طريق الحلول الخاصة بالشركات المنتجة للسيارات.
وتعتمد الشركات العالمية على بطاقة سيم مدمجة في السيارة بالإضافة إلى هوائي السيارة، وهو ما يحسن من استقبال خدمة الإنترنت.
ويقول إيبن إن جميع السيارات الحديثة تشتمل على بطاقة سيم من المصنع لإجراء نداء الاستغاثة في حالات الطوارئ، ولذلك يمكن للشركات المنتجة تجهيز سياراتها باتصال البيانات الجوالة لكي يتم استعمالها في الترفيه.
وغالبا ما يتوافر للزبائن إمكانية الاستعمال المجاني للخدمات مثل البيانات المرورية في الوقت الفعلي أو توقعات الطقس أو البحث عن محطات البنزين خلال السنوات الثلاث الأولى، كما تسمح هذه الأنظمة بالوصول إلى السيارة عن بُعد، فضلا عن إمكانية استعمال تطبيقات الهواتف الذكية لتفعيل وظيفة التدفئة أو إظهار موقع السيارة.
وبالإضافة إلى إمكانية إنشاء شبكة والن لاسلكية عن طريق بطاقة سيم مدمجة أخرى، غير أن هذه الوظيفة لا تتوافر لدى بعض شركات السيارات.
ويؤكد ماركوس فايدنير من بوابة الاتصالات تليتاريف.دي الألمانية أن عيب مثل هذه الخدمات أن الزبون لا يمكنه اختيار الشركة المقدمة لخدمات الاتصالات الهاتفية الجوالة، علاوة على أن الاختيار بين التعريفات غالبا ما يكون محدودا للغاية.
وثمة عدد محدود جدا من شركات السيارات تعتمد على بطاقات سيم الخاصة بالتجوال، والتي تتيح إمكانية تسجيل الدخول في شبكات مختلفة للاتصالات الهاتفية الجوالة، علاوة على أن معظم الأنظمة لا تتيح للمستخدم إمكانية استعمال بطاقة سيم الخاصة به.
ويرى فايدنير أنه من الأفضل تجريب تعريفة نظام اتصالات البيانات بباقة صغيرة قبل اتخاذ قرار بشأن الحلول المدمجة في السيارات، وبالتالي يتمكن المستخدم من التحقق مما إذا كانت الشبكة المختارة من قبل المصنع والتعريفات المحددة تتناسب مع أغراض المستخدم.
وهناك طريقة أخرى لاتصال السيارة بشبكة الإنترنت، وذلك عن طريق نقطة الوصول أل.تي.إي الجوالة، وشرح إيبن هذه العملية بالقول إنه يتم توصيل مثل هذه التجهيزات بولاعة السجائر وتعمل مثل جهار راوتر صغير.
ويتم تزويد مثل هذه التجهيزات ببطاقة سيم، ويعمل جهاز الراوتر الصغير بسرعة تصل إلى 150 ميغابايت/الثانية ويوفر اتصال الإنترنت لما يصل إلى 10 أجهزة طرفية.
وغالبا ما تكون بطاقة سيم المخصصة للبيانات أرخص من بطاقات سيم الهواتف الذكية، والتي توفر إمكانية الاتصالات الجوالة واتصال البيانات.
وعلى العكس من الأنظمة المدمجة في السيارة يتعين على المستخدم التعامل مع الكابلات الإضافية في مقصورة السيارة، ومن ضمن العيوب الأخرى لهذه الأنظمة أنه لا يمكن تحسين جودة الاستقبال.
وينطبق نفس الأمر عندما يتم استعمال الهاتف الذكي كنقطة وصول إلى الإنترنت، ويقول فايدنير إنه في العادة لا يتمكن المستخدم من الوصول إلى الهوائي المركب في السيارة، كما لا يوفر أي هاتف ذكي تقريبا إمكانية توصيل هوائي خارجي.
ويتعين على المستخدم، الذي يعتمد على هاتفه الذكي كنقطة وصول إلى شبكة الإنترنت، أن يضع هاتفه الذكي في أفضل مكان ممكن.
وينصح البروفيسور بيتر ريشيرت، أستاذ تكنولوجيا الاتصالات في جامعة مونستر للعلوم التطبيقية في ألمانيا، بوضع الهواتف الذكية على لوحة القيادة أسفل الزجاج الأمامي مباشرة لأنها توفر أفضل جودة استقبال.
ولفت إلى أن هذا النطاق يعتبر أفضل منطقة لاستقبال إشارات النظام العالمي لتحديد المواقع جي.بي.أس، رغم أن الإِشارات تكون ضعيفة بعض الشيء داخل السيارة، نظرا لأن الجسم المعدني للسيارة يحمي الركاب من الصواعق، إلا أن إشارات الاتصالات الهاتفية الجوالة لا تزال قادرة على اختراقها؛ نظرا لأنها تنتشر بشكل مختلف كموجات كهرومغناطيسية.
وإذا رغب المستخدم في التخلي عن حوامل الهواتف الذكية وأجهزة الراوتر الصغيرة ولا يتوافر لديه نظام مدمج في السيارة، فيمكنه تجهيز سيارته بشكل لاحق بواسطة أحد الأنظمة المتوافرة في المتاجر المتخصصة.
ويؤكد إيبن أن هناك بعض العروض مثل صندوق الهاتف، الذي يتم فيه شحن الهاتف الذكي والوصول إلى هوائي السيارة.
وتتضمن بعض الموديلات فتحة لتركيب بطاقة سيم مدمجة، بحيث يمكن للمستخدم مواصلة استعمال بطاقة سيم المتعددة الخاصة بتعاقد الهاتف الذكي، أو أن يقوم بتركيب بطاقة سيم للبيانات بواسطة عقد خاص، ومن ضمن المزايا الأخرى لهذه العروض أنها تحد من الإشعاع الكهربائي داخل مقصورة السيارة.
وبغض النظر عن نظام الاتصال بالإنترنت المستخدم في السيارة، سواء كان حلا مدمجا في السيارة أو جهاز راوتر صغيرا أو هاتفا ذكيا أو تجهيزا لاحقا، فإن جودة استقبال الإشارة تعتمد على مدى تغطية شبكة الاتصالات الهاتفية الجوالة.
ويعتقد فايدنير أن استقبال شبكة أل.تي.إي أصبح جيدا على الطرق السريعة وفي المدن الكبيرة، إلا أن الأمر قد يبدو مختلفا في المناطق الريفية، كما توجد اختلافات كبيرة بين الشركات المشغلة لخدمات الاتصالات الهاتفية الجوالة.
ولا تؤثر سرعة السير على جودة استقبال شبكة الاتصالات الهاتفية الجوالة داخل السيارة، فلا يمكن أن تظهر اختلالات عند السير بسرعة 130 كلم/س، طالما أن الأمر يتعلق بإجراء المكالمات الهاتفية العادية أو إرسال الرسائل النصية القصيرة على الأقل.
وقد أصبح معدل نقل البيانات أكثر أهمية عند استعمال تطبيقات الترفيه، وقال ريشيرت “يعتبر العامل الحاسم هنا هو مدى جودة تغطية شبكة الاتصالات الهاتفية الجوالة، والذي يرتبط بعدد أبراج الإرسال”.
ولن تغير تقنية الجيل الخامس 5 جي للاتصالات الهاتفية الجوالة من الأمر شيئا، بل على العكس من ذلك؛ لأن معدل نقل البيانات أعلى في شبكة 5 جي، وهو ما يتطلب المزيد من الخلايا الأصغر لتوفير تغطية جيدة للشبكة.
وعمل العديد من المطورين في السنوات الخمس الماضية على طرح تطبيقات مناسبة للاستخدام من قبل السائقين، مثل تطبيقات الخرائط وتلك المتخصصة في تنبيه السائق لتفادي الشوارع المزدحمة، ويتوقع مراقبون أن تشكل هذه التطبيقات دفعة كبيرة لصالح السيارات المتصلة في المستقبل.
ومع ذلك هناك خطران محتملان يتعلقان باستخدام الإنترنت وقد يستخدمان لقرصنة السيارات، الأول يتعلق بالسيطرة على وظائفها الأساسية أما الثاني فيتعلق بحماية البيانات والخصوصية نظرا إلى أن أغلب السيارات اليوم يمكنها التزود بملف للمستخدم، ومعظم المستهلكين يتشاركون مثل هذه البيانات بمجرد استخدام خدمات الشركة المفعلة في المركبة.
كما أن هناك تداعيات كبيرة تتعلق بملكية البيانات وخصوصية صاحب السيارة، ظهرت بظهور البيانات الضخمة في مجال المركبات، فالفكرة تتعلق بحماية البيانات الشخصية التي يمكن تحديدها بشكل مباشر أو غير مباشر.