حمود: على كل بنك تأسيس مصرف جديد موازٍ لفرعه الداخلي

“لا يزال من المبكر الحديث عن إعادة هيكلة للقطاع المصرفي، قبل استقرار الأوضاع السياسية والأمنية”، يبدأ رئيس لجنة الرقابة السابق على المصارف سمير حمود حواره موضحاً أن “إعادة رسملة المصارف أو تكوين السيولة على الورق في لغة السيولة المعتمدة محلياً لا تعني الهيكلة”. فكل مصرف، كما يرى، “يجب أن يستعيد دوره، لناحية القدرة على استقطاب الودائع من الخارج ثم إعادة إقراضها. واصفاً عملية إعادة الهيكلة، بالمشروع الطويل الأمد، ولا أعتقد أن الوقت حان لطرحه اليوم”.

من هنا، يضيف أن “استحقاق زيادة رأس المال للمصارف بنسبة 20% وتكوين سيولة خارجية للمصارف المراسلة بنسبة 3%، ليسا سوى حدّ أدنى يؤمن الإستمرارية فقط، طالما أن عمل البنوك بات محصوراً في الداخل فقط”. مؤكّداً أن “تحقيق المصارف لهذا المطلب وفق التعميم الصادر عن مصرف لبنان رقم 154 لا يؤسس مصرفاً، إن الرسملة الداخلية المطلوبة تتجاوز بكثير نسبة الـ20%، والسيولة المطلوبة تتجاوز الـ3% بأشواط.

ميزانية جديدة

ويعتبر حمود أن “الأهم في وقتنا الراهن أن تستعيد البنوك دورها ليس “”كصندوقجي” بل كمصرف تودع لديه مدّخرات الناس ليعمد في ما بعد الى إقراضها، هكذا تعود ثقة الناس بالقطاع الذي لعب دوراً بارزاً لفترة طويلة من الوقت”.

وهنا يرى أنه “على كل مصرف أن يدرك أنه يترتب عليه إنشاء مصرف جديد الى جانب المصرف الموجود حالياً، وذلك من خلال إعداد ميزانية جديدة، تتناسب مع رأس مال المصرف بالعملة الأجنبية الخارجية، والسيولة الموجودة والودائع بالعملة الأجنبية الخارجية. وبذلك لا بد من أن تلائم الميزانية كل المعايير، مصحوبة بنسبة عالية جداً من السيولة”. ونتيجة لذلك، يتابع: “يمكن أن يستحصل المصرف على مدّخرات بالعملة الأجنبية، فيسدّد فوائدها حتى أنه يمكن تشغيلها خارج البلاد، إما مع البنك المراسل أو من خلال برامج الإقراض للمقتدرين على الإستدانة بالعملة الأجنبية وذلك اذا كانت لديهم إيرادات ثابتة نقدية بالعملة الأجنبية تَرد اليهم من الخارج”.

واعتماد تلك الآلية “ستكسر” النموذج أو النمط الذي كانت تعتمده البنوك في السابق، حول ذلك يلفت حمود الى أنها “لا يجب ان تدخل في عملية المقاصة الداخلية التي تحصل دورياً في المصارف، وبالتالي ستنتفي إمكانية تبادل الشيكات الداخلية على هذه الودائع الخارجية. وبناءً على ذلك كل ما يسمى نقد أو Fresh Money يجب أن يبقى Fresh والتعاطي معه يتمّ مع المراسلين، فتنتزع الصفة عن مصرف لبنان بأنه هو الصندوق الأخير للودائع الجديدة بالعملة الأجنبية، وإلا نعيد النمط ذاته الذي كان متبعاً سابقاً”.

تبقى المسألة الأهمّ بالنسبة الى المصرف الجديد الذي سيوجد والذي لديه موجودات، كما اوضح أن “يخلق بشكل موازٍ ودائع بالعملة الأجنبية يتمّ ايداعها بأكملها خارج البلاد”.

القروض الداخلية

أما في ما يتعلق بالقروض الداخلية التي سيمنحها المصرف الجديد للبنانيين، فستكون كما قال “فقط لأشخاص لديهم إيرادات خارج البلاد وسيولة وملاءة في الخارج بالعملة الأجنبية.

وهذا النظام المصرفي الجديد، يتطلب إصدار قانون جديد يحدّد معايير الرسملة المستحدثة بالعملة الأجنبية لتأسيس مصرف جديد ضمن البنك الحالي، الذي يتم التعاطي معه ضمن الودائع الداخلية بالدولار والتسليفات الداخلية بالدولار وحسابات المصرف المركزي بالدولار، وتقرضه الى الدولة بالعملة الخضراء أيضاً”. ووفق تلك المعادلة يشير الى أنه “سيكون هناك دولار داخلي وآخر خارجي، وأيضاً ميزانية داخلية وأخرى خارجية، وهذا هو الأمر الأساس والمهمّ في إعادة هيكلة القطاع المصرفي اللبناني، وما بعد ذلك كله تفصيل”.

طبعاً إن إعادة الهيكلة لا تحصل في يوم وضحاه بل تتطلب، كما يوضح حمود، “إصدار قانون أولاً، يفصل المصرف القديم عن الجديد، وثانياً وقف أي نوع من أنواع المقاصة بما يسمى العملات الأجنبية الجديدة أو الـFresh money وأن يخلق كل مصرف بداخله ما يسمى ببنك داخلي وآخر خارجي”.

وينصح المصارف أن “تبحث حالياً ليس على رسملة الذات فقط بل على إجراء شراكة استراتيجية مع بنوك إقليمية أجنبية كي لا نطمح ونقول دولية”.

ويكرّر أن “الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن إعادة الهيكلة، نريد أولاً استقراراً، وتشكيل حكومة وتعميم الحوكمة الداخلية للدولة والإلتزام بالقوانين، ولا يمكن الإقدام على أي عمل في ظلّ الفراغ الموجود حالياً.

مصير الودائع المحبوسة

ويختم: “لا يوجد مصرف حالياً مهما زادت رساميله وكبر حجمه يستطيع ان يحمل إمكانية خلق مصرف جديد، واستعادة الثقة ولكن بالطريقة التي عرضتها يستطيع المصرف الجديد أن يحمل المصرف الحالي، ما يوفّر عودة الثقة بالبنك القديم”. مضيفاً: “إن موجودات الأخير ومطلوباته وودائعه، تتطلب معالجة على مدى 20 سنة على الأقلّ، فتدفع الودائع بالعملة الصعبة تدريجياً بداية كما هي واردة بالتعميم رقم 151 بالليرة اللبنانية، وبعدها عندما نسجّل فائضاً في ميزان المدفوعات تعاد الودائع الى الناس بالدولار الحقيقي”.

وعلى المودعين أن يعرفوا، يؤكّد حمود، أن “ودائعهم باقية ولو حبست لفترة طويلة، وستعود اليهم اذا توفّر ميزان مدفوعات إيجابي وفي تلك الحالة ستكون معاشاتهم واستثماراتهم حتى الداخلية مؤمنة من خلال الودائع الداخلية التي لديهم. هذا شيء مهم والرسالة يجب أن تعمّم على المودعين وتحتفظ بها الدولة وتضمنها وتلتزم فيها الى جانب مصرف لبنان، ويعتبر ذلك حياة وروح استمرارية العمل المصرفي وبداية مشوار إعادة الثقة.

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةالصين توافق على فتح أسواقها أمام الإتحاد الأوروبي
المقالة القادمةهل قرار تخفيض نسب الدعم قد اتخذ؟