أشار وزير النقل والأشغال العامة علي حمية، رداً على سؤال “تقدّمت شركات عالمية ومحلية، باقتراحات لإعادة إعمار مرفأ بيروت واستثماره، فلماذا لم يتمّ البت بهذا الأمر لغاية اليوم؟”، إلى أنه “أجريت دراسة تقييمية لواقع حال مرفأ بيروت من الناحية التشغيلية والأضرار البنيوية التي أصابته، ورسمت استراتيجية تتضمن تفعيل عمله واستعادة مركزه الجغرافي وإعادة استثماره لزيادة ايراداته، مع الأخذ بالإعتبار العوامل التي أصابته بالصميم وهي عدا الإنفجار، انهيار العملة الوطنية منذ تشرين 2019، وتفشي وباء كورونا”. وأكد أنه “من هنا لم يكن بالإمكان إعادة اعمار المرفأ من دون الإستناد الى مخطّط توجيهي كامل، جاذب للاستثمارات العالمية. فهناك مشاريع وخدمات إضافية عدة ستدرج في المرافئ اللبنانية غير موجودة في اي مرفأ في سائر الدول وتمّ النقاش فيها مع شركات عالمية وهي مستعدة للإستثمار في المرافئ اللبنانية”.
ولفت إلى أن “لا خلاف على أهمية إعادة إعمار المرفأ، وانما حول الدور الذي سيلعبه ذلك المرفق العام من خلال الخدمات التي سيقدمها والتي تأتي بالتوازي مع إعماره من حيث الأهمية. فالإستثمارات والخدمات الجديدة التي سيقدّمها المرفأ يجب أن تتكامل مع موقع لبنان الجغرافي المميز”، موضحاً أن “الأضرار المادية أصابت محيط المرفأ، ولم تعطّل عمله بكل طاقاته. صحيح أن نبضه خفّ ولكن الرافعات وهي العنصر الأساسي في اداء المرفأ، والبالغ عددها 16 كان يعمل في حزيران 2021 ثلاث منها، أما اليوم وبعد خطة التفعيل ارتفع عدد الرافعات المشغّلة الى 11.
وأكد حمية، أن “إعادة إعمار المرفأ تتضمن 3 أركان أساسية: 1- إعداد الهوية القانونية أو الإطار القانوني للمرفأ بالتعاون مع البنك الدولي ويجب أن تنجز في نيسان أو أيار 2022. هل من المعقول أن يدار مرفأ بيروت وهو مرفق عام أساسي على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط من قبل لجنة موقتة منذ أكثر من 25 سنة؟ كيف سنستقطب الإستثمارات من الناحية القانونية؟ وبالتالي اعداد الهوية القانونية أصبح ركناً أساسياً يصنّف ضمن إعادة الإعمار والإصلاح. علماً أن الإطار القانوني الجديد سيصيب كل المرافئ اللبنانية صيدا طرابلس صور وجونية وشكا، وليس مرفأ بيروت فقط. وستلحظ الهوية القانونية الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص”، مضيفاً: “2- إعادة الإعمار لا يمكن أن تأتي عبثياً من دون قراءة علمية فنية، فكان المخطط التوجيهي لمرفأ بيروت الذي يتضمن شرطاً اساسياً وهو الإستثمار الأمثل لكل متر مربّع. ويعني ذلك أنه لا يمكن الشروع في اعمار المرفأ على المساحة المتوفرة من دون رؤية أو قواعد قانونية. فكلّف البنك الدولي شركة هولندية خبيرة بإعداد المخططات التوجيهية للمرافئ التي بدأت عملها على أن تنجزه في تموز 2022”.
وشدد على أنه “وبالنسبة الى الكلفة فهي بتمويل من البنك الدولي، وبذلك لا نتقاضى مالاً من الشركة، ولا الدولة تدفع اي فلس من خزينتها لإنجاز تلك الدراسة. 3- لنفترض أننا فعّلنا المرفأ وأعدنا اعماره، ما هو الدور الذي ستلعبه في السنوات الثلاثين المقبلة في ظل التغييرات الجيوسياسية في المنطقة كالتحالفات والتطبيع والتغييرالسياسي؟ فكانت الرؤية الإستراتيجية التي نعمل عليها، وتتضمن التالي:
– آلية إضافة خدمات استثمارية في المرافئ اللبنانية غير موجودة عند اي دولة.
– تجيير الموقع الجغرافي المميّز، ليكون بخدمة الخزينة العامة اللبنانية.
– السعي لأن يكون لبنان عبر مرافئه صلة الوصل بين الشرق والغرب، من خلال ربط الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط عبر لبنان وبعض الدول الى آسيا. من هنا كان السعي لإنشاء سكة حديد تربط لبنان بسوريا”.
وأعلن حمية، “أننا منفتحون على كل دول العالم ضمن سيادتنا على بلدنا. ليس لدينا مشكلة في أصل التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ولكن هل نهضة لبنان ستبقى قائمة على الإستدانة أم بتفعيل مرافقه العامة وتحويل مردودها الى خزينة الدولة والنهوض بالبلد بدل ان نكون دولة عاجزة؟ لا يوجد اي دولة في العالم لديها مرافق عامة كتلك التي لدينا في إطارها الفني وموقعها الجغرافي. وبالتالي حتى لو تأخرنا في الوقت في إعادة الإعمار واستغرق الأمر عاماً او عامين، إنما يجب أن يكون القرار سيادياً ويصبّ في مصلحة البلد والنتيجة تكون الإعتماد على أنفسنا و”تقوية” كل المرافئ اللبنانية”.
وفي سؤال، “مَن الجهة الأوفر حظاً لاستثمار المرفأ وإعادة إعماره؟”، قال: “المخطط التوجيهي غير محصور بجهة ما أو دولة محددة وانما بمن يقدّم الخدمة الأفضل والكلفة الأقلّ للبنان. فيمكن إعادة إعمار المرفأ من ايراداته كي لا يكون رهينة لاي قرار اقليمي وأي دولة، بواسطة المقاولين اللبنانيين الذين لديهم شهرة في كل دول العالم. العروض ستكون مفتوحة للجميع وعلى رأسهم اللبنانيون”.
ولفت حمية، إلى أنه “عند انجاز المخطط التوجيهي في تموز، سيكون لديّ تصور حول كيفية إعمار المرفأ وسيتم فتح المجال امام الجميع من الشرق الى الغرب فلبنان، لتقديم العروض. والجهة التي ستقدّم الخدمة الأفضل والأقل تكلفة ستكون الأوفر حظاً للفوز. الا اذا قدّم الغرب على سبيل المثال هبة، هنا تختلف المعادلة، ولا يكون هناك مشكلة ولكن ضمن الشروط المحددة. من هنا ليس لدينا أي مشكلة في قبول أي استثمارات في أي شركة من أي دولة من العالم: روسيا، الصين، أميركا، أسبانيا…ما عدا اسرائيل. مع الإشارة الى أن خيارات إعادة الأعمار تتم إما من إيرادات المرفأ أو من خلال الإستحصال على “قرض خارجي”. اذا كان الخيار الأخير صعباً سنلجأ الى إعمار “البور” من إيراداته كي لا يبقى”.
وشدد على أن “لا بيع لأصول الدولة وستبقى كل أصول المرافئ ومنها مرفأ بيروت وبنيتها التحتية للدولة. انما التشغيل سنلحظه في الهوية القانونية الجديدة من خلال الشراكة مع القطاع الخاص حتى ولو وصلت النسبة الى 90%. هناك ثلاثة مبادئ اساسية تعمّر بلاد: تطبيق القانون بكل حذافيره، زيادة ايرادات الدولة والسيادة”.