“حوار” تصحيح الرواتب والأجور على نار حامية: الحد الأدنى “المنطقي” 7 ملايين ليرة؟!

في بيانها الوزاري، أكدت حكومة “معا للإنقاذ” العزم على تصحيح الرواتب والأجور في القطاع العام، بالتوازي مع تفعيل عمل لجنة المؤشّر وإجراء ما يلزم بهدف تصحيح الأجور في القطاع الخاص، الأمر الذي كان من المفترض أن يحصل منذ أشهر، خصوصاً أنّ الرواتب والأجور فقدت قيمتها بشكل كامل.

في عملية حسابية بسيطة، يمكن الاشارة إلى أن الخسارة التي لحقت بأي موظف كبيرة جداً، حيث إن من كان يتقاضى راتباً يوازي مليون و500 ألف ليرة، أي 1000 دولار على أساس سعر صرف 1500 ليرة، بات راتبه اليوم بحدود 100 دولار، على أساس سعر صرف 15000 ليرة المعتمد لشراء السلع الغذائية، بينما هذا السعر كان قد وصل قبل فترة قصيرة إلى حدود 23000 ليرة.

يوم أمس، أفاد المكتب الاعلامي لوزير العمل مصطفى بيرم بأنه سيطلق قريباً عمل لجنة المؤشر للنظر بمعالجة رواتب وأجور العاملين في القطاع الخاص، إلا أن الكثير من الأسئلة تُطرح حول النسبة التي من الممكن أن تصل إليها اللجنة، بالإضافة إلى موقف الهيئات الإقتصادية، خصوصاً أنها كانت تدعي دائماً تسجيل خسائر، بينما في الواقع كانت تحمل المواطن أي إرتفاع في سعر الصرف، من دون أن تعمد إلى زيادة رواتب موظفيها على الأقل.

في هذا السياق، يؤكد الخبير الإقتصادي جاسم عجاقة، في حديث لـ”النشرة”، أن حديث الشركات عن تحقيق خسائر غير دقيق وليس له أي أسس، بل على العكس هناك من حقق أرباح طائلة طوال الفترة الماضية، إلا أنه يلفت إلى أن المشكلة في مكان آخر، يكمن بأن البلاد باتت قائمة على أساس التجارة بـ”الكاش”، بسبب رفض أساليب الدفع الأخرى.

ويعتبر عجاقة أن المعالجة يجب أن تنطلق من هذه النقطة في البداية، كي لا تتحول أي زيادة في الرواتب والأجور إلى تضخّم إضافي، حيث يوضح أنّ أيّ زيادة يحصل عليها الموظف في القطاع الخاص ستعني طبع المزيد من العملة، بسبب رفض أساليب الدفع الأخرى، بينما المشكلة على مستوى القطاع العام مضاعفة، نظراً إلى أن مصرف لبنان هو في الأصل يطبع العملة لدفعها.

من وجهة نظر عجاقة، الحل الذي قد يتم الذهاب إليه هو أن تكون الزيادة على أساس مساعدات إجتماعية، على قاعدة أن الزيادة في الرواتب والأجور سيكون لها تداعيات مستقبلية على التعويضات، بينما المساعدات الإجتماعية تكون مرحليّة.

وفي حين تشير مصادر من قبل الهيئات الإقتصادية إلى أن المسألة تحتاج إلى نقاش معمق بين شركاء الإنتاج، ينطلق من قدرة مختلف المؤسسات على الذهاب إلى زيادة في الرواتب والأجور، بسبب الواقع الصعب الذي تمر فيه، تؤكد الإنفتاح على الحوار البناء في هذا المجال، وتذكر بأن عملية رفع بدل النقل إلى 24 ألف ليرة أقدمت عليها من تلقاء نفسها، بينما هناك مؤسسات قامت أيضاً بتصحيح للأجور ولو بنسبة محدودة.

من جانبه، يوضح رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، في حديث لـ”النشرة”، أن إطلاق عمل لجنة المؤشر يؤسس لحوار بين شركاء الإنتاج للوصول إلى حل، ويكشف أنه بحسب دراسة أعدها الإتحاد فإن الحد الأدنى للأجور، البالغ حالياً 675 ألف ليرة، من المفترض أن يتضاعف 10 مرات، نظراً إلى أنه قد لا يساوي، خلال وقت قصير، ثمن صفيحتي بنزين، وبالتالي منطقياً يجب أن يكون بحدود 7 ملايين ليرة.

ويوضح الأسمر أن الإعتراضات دائماً كانت على رفع الحد الأدنى للأجور، مع العلم أن المطلوب القيام بدراسة شاملة للأجر وملحقات الأجر وكل ما يمت له بصلة، من الشطور إلى منح المدارس وأجور النقل والطبابة والضمان، خصوصاً أن المواطن يحتاج، لكلفة نقل وبدل مولد الكهرباء فقط، نحو 3 ملايين ليرة، ويضيف: “بعد ذلك تأتي كلفة الطعام والشراب والتعليم”.

وفي حين يكشف الأسمر أن اللقاء مع وزير العمل كان تقييمي لوضع الخطوط العريضة لإجتماع لجنة المؤشر، يؤكد الحاجة إلى التشاور مع أصحاب العمل، ويشير إلى أن البعض منهم متفهم لطرح تصحيح الرواتب والأجور، بينما هناك من هو متريث ومن هو رافض لهذه المسألة بشكل مطلق.

في المحصلة، هذه المعركة من المفترض أن تنطلق خلال وقت قصير، لا سيما أن البعض لا يريد أن يرى الخسائر التي لحقت في الرواتب والأجور، منذ العام 2019 حتى اليوم، حيث الحجج حاضرة لرفض ذلك، من عدم القدرة على التنفيذ أو القلق من تداعيات التضخم، الذي يدفع ثمنه المواطن يومياً من دون أن يحصل على أي تعويض مقابل.

مصدرالنشرة - ماهر الخطيب
المادة السابقة20 مليار دولار من صندوق النقد لتثبيت الدولار على 10 آلاف؟!
المقالة القادمةتفاصيل خطة دعم السائق العمومي: السرفيس بـ10 آلاف