خبراء: الجهات الناظمة للقطاع المصرفي الأميركي أخفقت في رصد خطر انهيار «إس في بي»

أخفق مستثمرون وجهات ناظمة للقطاع المصرفي على حد سواء في رصد مؤشرات الخطر قبل انهيار بنك سيليكون فالي (إس في بي) المدوّي الأسبوع الماضي، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وبقي سبب هذا الإغفال السؤال الأبرز في أوساط الخبراء المصرفيين، إذ ركز بعضهم على ضعف القواعد في الولايات المتحدة.
وأعلن «الاحتياطي الفيدرالي» أمس (الاثنين)، عن خطط لمراجعة «معمّقة وشفافة وسريعة» لعملية الإشراف على «إس في بي» سيتم نشر نتائجها في الأول من مايو (أيار)، ما يعني إقراراً عملياً بأنه كان بإمكانه القيام بأداء أفضل.

وتعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بالقيام بـ«محاسبة كاملة على ما حدث»، مضيفاً أنه سيطلب من الجهات الناظمة تشديد القواعد المعمول بها في القطاع. وكان الخبراء المصرفيون من بين الأشخاص الذين شعروا بالقلق حيال الانهيار السريع لـ«إس في بي»، المصرف الأميركي السادس عشر من حيث حجم الأصول والكيفية التي تحوّل انهياره من خلالها إلى نذير بإخفاق مقرض آخر هو بنك «سيغنتشر». وقال أستاذ القانون لدى جامعة «جورج واشنطن» آرثر ولمارث، إن الإخفاقات «كشفت عن عدم كفاءة الإصلاحات التنظيمية التي تمّت منذ الأزمة المالية العالمية».

وكان بإمكان نظرة سريعة إلى المصرف أن تكشف النقاب عن علامات خطر محتملة واضحة تتمثّل في التعرّض غير المتناسب لـ«إس في بي» إلى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، وهو أمر خطير تم تشبيهه بقطاعي العقارات التجارية أو الأسواق الناشئة اللذين أثّرا على المقرضين في الماضي. وأشار ولمارث إلى أن «إس في بي» حقق نمواً سريعاً للغاية بين العامين 2020 و2022، وأن تعرّضه لسندات فائدة ثابتة طويلة الأمد جعله أكثر ضعفاً أمام التحوّل في السياسات النقدية من «الاحتياطي الفيدرالي». وقال ولمارث: «تعد هذه تقريباً وصفة مضمونة للفشل. إذا تحوّل الاقتصاد، تبدأ المشكلات… ما كانت أي الأمور هذه لتكون غامضة بالنسبة للجهات الناظمة».
وأشار الخبراء أيضاً إلى التخفيف التدريجي لقوانين أميركية سُنّت بعد فترة قصيرة من أزمة 2008 المالية.
وفرض قانون «دود – فرانك» الأصلي الصادر عام 2010 رأس مال أعلى وسيولة وغير ذلك من الشروط على المصارف التي تملك أصولاً تبلغ 50 مليار دولار على الأقل.

وفي 2018، وبدعم من الرئيس السابق دونالد ترمب، تم رفع قيمة الأصول إلى 250 مليار دولار، ما يعني تأثر عدد أقل من المصارف. لكن التحوّل في القانون لا يبرر إخفاقات الجهات الناظمة، حسب أستاذة القانون لدى «جامعة جورجتاون» آنا غلبرن. وقالت: «عندما يتم تخفيف الشرط التنظيمي إما من منطلق أن هذه المؤسسات لا تشكّل خطراً على المنظومة نظراً إلى حجمها وإما لأن الإشراف عليها أسهل، يفاقم ذلك الضغط على عملية الإشراف التقليدية نظراً لعدم امتلاكك جرس الإنذار التلقائي الذي يتم إطلاقه مع الشروط». وأضافت: «إذا كان السلوك غير آمن ولا منطقي»، فإن التصنيف الرسمي للمصرف بموجب القانون «لا يبرر الفشل في المراقبة».

بدوره، أشار الأستاذ المساعد المتخصص في القانون في جامعة نيويورك مايكل أوهلروغ، إلى أن الجهات الناظمة تولي «أهمية قليلة جداً إلى حد صفر مخاطر» فيما يتعلق بمتطلبات رأس المال المصرفية للأوراق المالية المرتبطة بوزارة الخزانة نظراً إلى أنها تعد آمنة. في الوقت ذاته، تتعامل الجهات الناظمة بتساهل مع المصارف فيما يتعلّق بالمودعين بأكثر من 250 ألف دولار (وهي العتبة للإيداعات المؤمّنة فيدرالياً) على أساس الاعتقاد بأن المصرف يقيم علاقة تجارية ذات معنى مع هذا النوع من الزبائن. وأفاد أوهلروغ: «سيتطلب ذلك على الأرجح إعادة نظر وتفكير بشكل أكثر جدية بشأن مخاطر الخسارة الناجمة عن ودائع غير مؤمّنة».

 

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةقفزات التضخم الأميركية تزيد حيرة «الفيدرالي»
المقالة القادمةبوتين: النظام المالي في روسيا ثبت بفضل البنك المركزي