رأى الخبير المالي والاقتصادي إيلي يشوعي، أن “احدى أبشع خصائل السياسيين في لبنان، هي التطبيل والتزمير في الأمور المصيرية، كما هو حاصل اليوم في موضوع السيطرة على رأس المال “الكابيتال كونترول”، فالدول التي تحترم نفسها وشعبها، عندما تستشرف قدوم أزمة مالية مصيرية، تجتمع سلطاتها التشريعية بين ليلة وضحاها، تحت جناح العجلة وبحضور الحكومة، لإقرار قانون الكابيتال كونترول بهدف الحفاظ على ما لديها من أموال داخل أنظمتها المصرفية، لكن في لبنان بلد الغرائب والعجائب والاستثناءات، تسبق حفلات الزجل والمزايدات وعرض العضلات الجلسة التشريعية، بحيث يدخل الحابل بالنابل فتتعطل الحكمة وتتخرسن لغة العقل والكلام”.
وبالانتقال الى صلب الموضوع، وصف يشوعي في حديث لـ “الانباء الكويتية”, “مشروع قانون الكابيتال كونترول كما ورد من الحكومة الى مجلس النواب، بالجريمة الموصوفة، لأن من شأنه اعدام المودعين من جهة، وغسل المصارف من ارتكاباتها من جهة ثانية، مفندا عيوب القانون بدءا بتوقيت مناقشته، أي بعد ان هربت المليارات المنهوبة ورؤوس الأموال الى خارج البلاد تحت غطاء “حرية حركة الرساميل”، وبعد ان تحول ما بقي من أموال المودعين الى قيود دفترية لا قيمة فعلية لها، ما يعني ان النقاش العاصف حول كونترول على كابيتال غير موجود، هرطقة تسخر منها الأمم”.
وأضاف, “اما العيب الثاني الذي لا يقل شأنا عن الجريمة الموصوفة، فإن مشروع القانون لم يلحظ لا علنا ولا بين السطور، أي حماية للودائع لاسيما القديمة منها التي تحولت بفعل عبقرية الهندسات المالية لمصرف لبنان الى قيود دفترية، فيما الهدف المخفي لمشروع القانون، هو محاولة الحكومة بالتواطؤ مع بعض الأحزاب الأساسية المقررة إسقاط الدعاوى المقامة محليا وخارجيا من قبل المودعين ضد المصارف اللبنانية، التي لم تحترم قواعد التسليف، بحيث سلفت الدولة اللبنانية، وهي على علم بمخاطر عدم قدرتها على تسديد ديونها”.
في المقابل, اعتبر أن “اعتراض المصارف على الكابيتال كونترول وتهديدها بمقاضاة الدولة اللبنانية، مجرد مسرحية لا تنطلي فصولها على أحد، سائلا بالتالي عن هوية العبقري الذي وضع هذا القانون بهدف الوصول منه الى صيغة “عفا الله عما مضى وبالتالي تبرئة ساحة الفاسدين والسارقين للمال العام”.
وبناء على ما تقدم، أكد يشوعي ان “مصير مشروع الكابيتال كونترول بحالته الحاضرة الى سلة المهملات، على أن يستتبع ذلك أولا بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، مشهود له بالخبرة العلمية والعملية، وثانيا بحكومة جديدة من وزراء غير مسيسين، شرط أن يكون كل منهم متخصصا بالحقيبة المسندة إليه، فحكومات الوفاق الوطنية والمحاصصة الحزبية والطائفية والمناطقية، لم تفلح إلا بتقاسم المغانم ونهب المال العام وتهجير اللبنانيين في زوارق الموت، كفى مغامرة بلبنان، وكفى إعداما للبنانيين”.