منذ الإرتفاع الصاروخي للدولار في السوق السوداء، تشهد المراكز التجارية والأسواق، واقعةً تتكرر وبشكلٍ يومي، حيث يهرع المواطنون لشراء السلع الغذائية بالدرجة الأولى والمواد الإستهلاكية المتنوعة ثانياً، في سباقٍ محموم مع الأسعار قبل جولة الإرتفاع التي تأتي مع كل “طلعة” والتي تبقى من دون “نزلة” بعد تراجع سعر الصرف.
ومع الإتجاه الرسمي إلى التسعير في القطاعات التجارية كافةً من المحروقات إلى الدواء فالغذاء والسلع والخدمات والأقساط المدرسية، هل تكون دولرة الأسعار هي الحل؟ عن هذا السؤال يجزم الخبير المالي والإقتصادي الدكتور باتريك مارديني، بأن الدولرة، هي الحلّ لوقف تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، كما أنها الحلّ لإعادة إطلاق الحركة الإقتصادية وهي الحلّ أيضاً لإعادة جذب الإستثمارات إلى البلاد.
ويقول الدكتور مارديني ل”ليبانون ديبايت” إنه من الضروري أن تعتمد كل القطاعات الإقتصادية أسلوب التسعير بالدولار، لأسبابٍ عدة أبرزها، أنه يؤدي إلى استقرار الأسعار، بل سيدفع نحو تراجعها بنسبٍ متفاوتة وقد تصل إلى 25 بالمئة في أقلّ تقدير.
وعلى سبيل المثال، يشير مارديني إلى أسعار السلع الغذائية غير المستقرة والتي تؤثر بشكلٍ مباشر على القدرة الشرائية للمواطن، وبالتالي فإن التسعير بالدولار سيؤدي إلى استقرار هذه الأسعار، مشيراً إلى أن التسعير بالليرة يسير وفق المسار الآتي: السوبر ماركت يبيع بالليرة ويدفع للتاجر بالدولار ولذلك فإن البضائع تُباع وفق سعر دولار مرتفع أي بزيادة تتراوح بين عشرة بالمئة أو 15 بالمئة عن السعر الحقيقي، من أجل تفادي اي خسارة في حال ارتفع سعر الدولار في السوق السوداء، وكذلك الأمر بالنسبة للموزع الذي يفرض زيادةً بهذه النسبة أيضاً تحسّباً للتقلبات في سعر الصرف، كما للمستورد الذي يسعى إلى ضمان ربحه ورصيده لإعادة الإستيراد وبالتالي يزيد السعر بنسبةٍ قد تصل أيضاً إلى عشرة بالمئة، وبالنتيجة فإن انعكاس هذه الزيادة سيكون على المستهلك وحده ، لأنه يشتري السلع بأسعار تتجاوز سعرها الحقيقي بسبب الهامش الكبير الذي يتركه التجار والموزعون والمستوردون وأصحاب السوبرماركت وغيرهم، لحماية أنفسهم من التقلبات بسعر الدولار، وبالتالي، وعند تشريع التسعير بالدولار، سيزول هذا الهامش.
ويوضح مارديني، أنه إذا كان المواطن يقبض راتبه بالدولار ويدفع بالدولار، فإن الخشية لدى المستوردين والموزعين والتجار من التقلبات في الأسواق ستنعدم وكذلك هوامش الحماية التي يتمسكون بها.
وإذا كانت نسبة معينة من اللبنانيين لا تتجاوز ال25 بالمئة، وحدها تحصل على مدخول بالدولار، بينما رواتب الغالبية العظمى لا تزال بالليرة، فإن الدولرة ستزيد من الطلب على الدولار في السوق السوداء، وبالتالي سيرتفع السعر باستمرار، إلاّ أن الخبير الدكتور مارديني، يعارض هذا الرأي، معتبراً أنه من الضروري وبعد السماح بالتسعير بالدولار بنحو ثلاثة أشهر وأقلّ، يجب الطلب من الشركات والمؤسسات في كل القطاعات والتي تقبض بالدولار أن تدفع الرواتب لموظفيها بالدولار، لأن هذا الأمر وحده سوف يحمي القدرة الشرائية للموظفين، بمعنى أن انهيار الليرة لن يؤثر على المواطنين الذين يقبضون بالدولار.
كذلك، يلفت مارديني، إلى أن دولرة الرواتب، غير ممكنة قبل دولرة كل القطاعات، وبالتالي فإن العملية ستجري على مرحلتين: في المرحلة الأولى ستكون دولرة للأسعار وفي المرحلة الثانية دولرة للرواتب.