خبير مالي.. الاحتياطي الالزامي «تفنيصة»

لم يعد خفض الاحتياطي الالزامي مجرد توقعات او احتمالات قد يلجأ اليها المركزي في المرحلة المقبلة، انما بات واقعاً، بعدما اعلن مصدر رسمي امس لـ«رويترز»، عن عقد اجتماعات مع المعنيين لدرس هذه الخطوة. ومع كل الخسائر التي تكبّدها المودعون تباعاً منذ بدء ازمة السيولة في المصارف، وصلنا الى المرحلة النهائية ببدء تبخّر السنتات المتبقية…انّه بمثابة نحر للناس والاقتصاد والمستقبل.

في هذا السياق، يقول المستشار المالي ميشال قزح لـ«الجمهورية»، انّ هذه الخطوة هي هدر لاموال المودعين، لا بل انّ كل ما أُطلق عليه اسم «دعم» هو حرق للاموال المتبقية من الودائع. علماً انّه مقابل كل 100 دولار في المصرف يوجد منها 11 سنتاً فقط. اما اليوم ومع خفض الاحتياطي الإلزامي، سيتوفر 5 سنتات فقط من كل 100 دولار بقيت في المصرف، ما يعني انّ «قص الشعر» (hair cut) على الودائع ازداد مع الوقت، لأنّه حتى الآن لم تبدأ الحكومة في معالجة الأزمة الاقتصادية، بل تُرك الاقتصاد ليعالج حاله بحاله وفق طريقة hard landing.

واعتبر قزح، انّ الحل الافضل للدعم كان يجب ان يكون عبر تحرير 400 دولار نقداً شهرياً الى المودعين من ودائعهم الخاصة، اما الأُسر الفقيرة فتستفيد من دعم وزارة الشؤون الاجتماعية، من خلال اعطائهم بطاقات بقيمة مليون ليرة شهرياً، يُترك فيها للفرد حرّية اختيار الطريقة التي تناسبه لصرفها، اكان على المحروقات او الدواء او الطعام…

وعن مدى تأثير هذا التوجّه على الوضعين الاقتصادي والمالي وسعر الصرف، يؤكّد قزح ان لا تأثير لهذه الخطوة على سعر الصرف، انما يحاول المسؤولون بهذه الخطوة تمديد حياة هذا النظام قدر المستطاع على حساب المودعين. واعتبر انّ الطبقة الحاكمة مستمرة في سياسة الدعم لو مهما كلفت، تجنباً لتكرار أي ثورة شعبية على غرار ما حصل في 17 تشرين الاول 2019.

وماذا بعد انتهاء الاحتياطي الالزامي، يقول قزح: «في حال لم يتمّ الاتفاق على خطة مع صندوق النقد والشروع في الاصلاحات المفروضة، لا يبقى امام المسؤولين سوى المسّ بالذهب او بيع املاك الدولة. لكن هذه الخطوة لن تدر fresh money على لبنان، لأنّ احداً من المستثمرين لن يضع دولاراً واحداً في لبنان اليوم، بينما في السابق كان يمكن بيع «الميدل ايست» او «الخلوي» وكان يمكن ان تدرا ملايين الدولارات».

من جهته، يقول الخبير المالي دان قزي لـ«الجمهورية»، انّ الاحتياطي الالزامي «تفنيصة» لأنّه اصلاً سلبي، لذا يمكن للمركزي ان يغيّر نسبته بشخطة قلم. وذهب قزي ابعد من ذلك ليقول، انّ الاحتياطي الالزامي يُستعمل كحجة لرفع الدعم، لأنّه فعلياً يبلغ صافي الاحتياطي ناقص 60 مليار دولار، بما معناه انّ الاحتياطي استُعمل واستُنزف وصُرف، وكما يروّج له، انّ الاحتياطي 17.5 مليار دولار وهمي. وكان هناك توجّه لخفضه الى الصفر، وهذا ما سيحصل إذا لم يتمّ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

ورداً على سؤال، قال: «اذا قرّر المركزي اليوم أن يوزّع كل اموال المودعين سيتبيّن انّ نسبة الخسارة هي 80%، وانّ كل مودع سيحصل على 1/5 من وديعته»، لافتاً الى انّ كل الاموال التي يملكها المركزي هي اصلاً اموال المودعين وليس فقط الاحتياطي او 17.5 مليار دولار المتبقية كما يروّج له أخيراً. وبوصف آخر، شرح قزي انّه مقابل كل دولار واحد من اموال المودعين موضوعة في اي مصرف تجاري، فإنّ 75 سنتاً منها موجودة مع المركزي.

مصدرايفا ابي حيدر - الجمهورية
المادة السابقة“مبادرة” للهيئات الاقتصادية.. الأضرار بنحو ملياري دولار
المقالة القادمةحاكم نيويورك: الولايات “مفلسة” وتحتاج للتمويل الفيدرالي لتوزيع اللقاح