في خضم الأزمات الاقتصادية والمالية المتلاحقة التي يعيشها لبنان، برزت مخاوف جديدة تتعلق بإمكانية تصنيفه على اللائحة المالية الرمادية في الخريف المقبل.
هذا التصنيف المحتمل يأتي بعد تحذيرات من جهات دولية، أبرزها مجموعة العمل المالي (FATF)، حول ضعف التدابير اللبنانية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وفي هذا السياق، جاء كلام من حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري أن هناك جهودا مكثفة تبذل لعدم وصول لبنان الى هذا التصنيف.
وقال خبير مالي واقتصادي لـ«الأنباء»: «من أبرز مخاطر تصنيف لبنان على اللائحة المالية الرمادية:
أولا: تقييد التعاملات المالية الدولية: إذا تم تصنيف لبنان في اللائحة الرمادية، ستواجه مؤسساته المالية صعوبات كبيرة في التعامل مع البنوك والمصارف الدولية، وسيؤدي ذلك الى تضييق الخناق على حركة الأموال والتحويلات المصرفية، مما يعمق الأزمة المالية ويزيد من عزلته الدولية.
ثانيا: زيادة كلفة الاقتراض: سيكون من الصعب على الدولة اللبنانية والشركات المحلية الحصول على قروض دولية أو تمويل خارجي. وفي حال تمكنها من ذلك، ستترافق القروض مع فوائد مرتفعة وشروط قاسية، ما سيزيد من الأعباء الاقتصادية على الاقتصاد المنهك أساسا.
ثالثا: ضربة جديدة للثقة الدولية: تصنيف لبنان في اللائحة الرمادية سيعزز الصورة السلبية للدولة اللبنانية في المجتمع الدولي، ما يقلل من فرص الاستثمار الأجنبي ويعزز الشكوك حول القدرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، ما سيؤدي الى تدهور إضافي للوضع الاقتصادي.
رابعا: التأثير على القطاع الخاص: سيعاني القطاع الخاص اللبناني بشكل كبير من هذا التصنيف، وسيصبح من الصعب عليه القيام بأي تعاملات تجارية أو مالية مع الخارج، كما ستتأثر الشركات التي تعتمد على الاستيراد والتصدير بشكل خاص، ما يهدد استمرارية أعمالها وتوظيف العمالة».
وتناول الخبير «جهود حاكم مصرف لبنان بالإنابة د. وسيم منصوري في مواجهة هذه المخاطر، وتأكيده أن لبنان يعمل على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتعزيز الشفافية المالية ومحاربة الفساد. وهذه الإصلاحات تشمل تحسين نظام الرقابة المصرفية وتعزيز الإجراءات المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مع التأكيد على التعاون مع الجهات الدولية لضمان تطبيق المعايير الدولية المطلوبة. الا ان جهود منصوري وحدها لا تكفي، اذ لا بد من استنفار الديبلوماسية اللبنانية في جميع دول العالم، لا سيما في دول القرار من أجل تجنيب لبنان هذه الكأس المرة».
واعتبر الخبير ان «تصنيف لبنان في اللائحة المالية الرمادية يمثل خطرا حقيقيا على استقرار الاقتصاد اللبناني ويهدد بزيادة العزلة الدولية. وعلى رغم التحديات الكبيرة، فإن الالتزام بتنفيذ الإصلاحات اللازمة وتعاون السلطات اللبنانية مع المجتمع الدولي قد يكون السبيل الوحيد لتجنب هذا المصير. والأهم إنهاء حالة تصريف الاعمال والانتقال سريعا الى المسار الطبيعي للدولة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة تباشر عملية الإنقاذ على الصعد كافة، لا سيما في المجالين المالي والاقتصادي».