فقد ورد في مشروع موازنة العام 2019 مادة رقمها 19 وهي تجيز تعديل مدة صلاحية جواز السفر (الباسبور) والرسوم المتوجبة عليه، على نحو يعطى بموجبها جواز السفر لمدة ثلاث سنوات أو خمس سنوات أو عشر سنوات، وفقاً لطلب المستدعي لقاء رسم جديد.
وتحدّد رسوم إصدار جواز السفر كالتالي: جواز سفر لمدة ثلاث سنوات قيمته 200 ألف ليرة. وجواز سفر لمدة خمس سنوات قيمته 300 ألف ليرة. وجواز السفر لمدة 10 سنوات قيمته 500 ألف ليرة.
وقد استند الاقتراح على أمرين. الأول، أن تكلفة جواز السفر لمدة عام تبلغ 60 ألف ليرة ما يعني أن تكلفة جواز السفر لمدة ثلاث سنوات ستصبح 200 ألف ليرة. أي أن فارق التكلفة لن يتجاوز 20 ألف ليرة، على اعتبار أن تكلفة ثلاث سنوات متتالية تبلغ 180 ألف ليرة. وتالياً، سيكون المردود على الخزينة 20 ألف ليرة إضافية عن كل جواز سفر لمدة ثلاث سنوات.
الهدف الآخر الذي مهّد لهذا للاقتراح هو ذريعة تجنّب الازدحام أمام مركز الأمن العام، في صفوف المواطنين الراغبين باستصدار جوازات سفر سنوياً أو مجددي الجوازات.
الخديعة
تكمن خديعة اقتراح القانون، ونيّة استغلال المواطن في تفاصيل المادة 19 لاسيما في الشق المتعلّق باستبدال جواز السفر لمدة سنة بجواز السفر لمدة ثلاث سنوات، فالأول يحصر تكاليف جواز السفر بـ60 ألف ليرة فقط، لكل شخص لا يُقدم على السفر سنوياً بصورة دورية. أما بعد إقرار الموازنة بتعديلها المذكور في المادة 19 فإن كل مواطن سيتكلّف بالحد الأدنى 200 ألف ليرة، حتى وإن لم يُقدم على السفر لأكثر من مرة.
والسؤال: لماذا لم يتم الإبقاء على خيار جواز السفر لمدة عام والبالغ قيمة 60 ألف ليرة؟ ولماذا لم يُترك الاختيار للمواطن بتحديد سنوات جواز السفر؟ السبب بكل بساطة هو استغلال الدولة لحاجات المواطنين، في سبيل زيادة إيراداتها. إذ لم يعد أمام أي مواطن يسعى للسفر سوى الاستحصال على جواز سفر قيمته لا تقل عن 200 ألف ليرة، حتى وإن لم تتعد حاجته له سوى أشهر فقط.
وبذلك يتحتم على المسافر، إلى تركيا على سبيل المثال، برحلة لا تتجاوز قيمتها 400 دولار فقط، أي 600 ألف ليرة، يتحتم عليه استصدار جواز سفر إلزامي لا تقل قيمته عن ثلث قيمة الرحلة أي 200 ألف ليرة، حتى وإن سيقتصر استخدامه على رحلة واحدة فقط. ولا شك أن في ذلك عبئاً إضافياً على المواطنين لن تترّد الدولة من فرضه.