يستعد مجلس الوزراء لعقد جلسة طارئة الأسبوع المقبل، على جدول أعمالها بند أساسي هو الإنترنت عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك” Starlink. ومن المقرر أن تؤمن الجلسة المرتقبة جسر عبور وزارة الاتصالات إلى ملف الإنترنت البديل، تحت ذريعة خطة طوارئ في حال اتساع رقعة الحرب الواقعة عند الحدود الجنوبية. أي في حال استهداف اسرائيل للبنى التحتية للاتصالات في لبنان.
لا أهمية تعلو فوق اهمية تأمين خطة بديلة لقطاع الاتصالات والإنترنت، وعدم تعريض البلد لخطر الانقطاع عن العالم، في حال حصول تطورات أمنية. لكن تسرّع وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم، واندفاعة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الملفتة في اتجاه الإستعانة خدمة ستارلينك، العائدة لشركة سبيس إكس SpaceX الأميركية، إنما تشي بخلل في إدارة الملف على قاعدة فشل إدارة ملف الاتصالات عموماً، بكل ما يحوي من محاصصة وتجاوزات ومسارب للهدر والفساد.
قطبة مخفية
خلافاً للقانون، الذي يفرض على الدولة إدارة ملف الاتصالات والإنترنت، وليس الشركات الخاصة، استحصلت وزارة الاتصالات على موافقة الأجهزة الأمنية، القاضية بالاستعانة بخدمة ستارلينك على مدى 3 أشهر، عقب موافقة الشركة الأميركية كفترة تجريبية. بمعنى آخر، في حال الاستعانة بخدمة ستارلينك، ستخضع حينها خدمة الإنترنت لسياسة الشركة المشغلة للخدمة سبيس إكس. وهنا لا بد من طرح سؤال: ما الذي يمنع الشركة لاحقاً من تحديد نطاق الإنترنت في لبنان، في حال اتساع الحرب مع اسرائيل؟
وإذ يؤكد مصدر رفيع من وزارة الاتصالات، عدم تكبّد الدولة أي أعباء مالية لتأمين الخدمة المذكورة، يرفض توضيح حجم تكلفة الخدمة وكيفية سدادها. طبعاً، مع استبعاد أن تقدّم شركة سبيس إكس الخدمة مجاناً للبنان، لاسيما في حال وقوع حرب مع إسرائيل، خصوصاً أن مالك الشركة إيلون ماسك سبق له أن رفض مدّ قطاع غزة بالإنترنت بعد تعطيل إسرائيل للاتصالات فيه.
وفي جولة سريعة على مسار ملف الاستعانة بستارلينك، يتبيّن أن ثمة قطبة مخفية. فوزارة الاتصالات، وإن كانت سرّبت لأكثر من وسيلة إعلامية موافقة الشركة الأميركية على منح لبنان فترة تجريبية، وموافقة الأجهزة الأمنية اللبنانية، فإنها تكتّمت في المقابل على كيفية تمويل الخدمة. وتجاهلت كذلك مسألة الاستعانة بشركات تقدم خدمة مماثلة.
حلول أخرى
يبدو لافتاً اندفاع السلطة في لبنان في اتجاه تأمين خدمة ستارلينك، في وقت تتوفّر فيه بدائل أخرى لتأمين الإنترنت، في حال تعطل شبكات ألفا وتاتش وأوجيرو.
ويؤكد المدير التنفيذي لمنظمة سمكس smex، محمد نجم، وجود شركات V-Sat technology متواجدة في لبنان والمنطقة. وهي تؤمن خدمة الإنترنت عن طريق الستلايت، ومن الممكن العمل معها على مد سنترالات أوجيرو بالإنترنت. وبذلك تبقى خدمة الإنترنت محصور بالسيادة اللبنانية، على ما يقول نجم.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن الاستعانة بمسألة National Roaming، وهو عبارة عن دمج الهوائيات التابعة لشركتي ألفا وتاتش. وعليه، يمكن لأي مشترك الاستفادة من الإنترنت الأقرب إليه بغض النظر عن الشركة التي يتعامل معها.
خدمة بديلة و”غير قانونية”
أمر آخر ملفت في ملف الانترنت البديل يعود إلى تجاهل وزارة الإتصالات ورئاسة الحكومة وجود خدمة الإنترنت عبر الستلايت فعلياً في لبنان بشكل غير قانوني. فالسلطة المندفعة للاستعانة بستارلينك لم تأت على ذكر تنظيم أو قوننة الخدمة المتواجدة اليوم في لبنان والتي تجذب مشتركين جدداً بشكل غير قانوني.
ويؤكد مصدر في قطاع الاتصالات أنه منذ تاريخ 7 تشرين الأول ارتفع الطلب على تجهيزات الإنترنت عبر الستلايت، على الرغم من عدم قانونيته ومن تكلفته العالية. ويقدّر المصدر تكلفة الإنترنت البديل عن الشركات التقليدية بين 500 و600 دولار شهرياً، وهي تكلفة تفوق قدرة غالبية اللبنانيين. ولكن رغم ذلك، فإن طواقم إعلامية وبعض السياسيين أقدموا على تأمين خدمة الإنترنت عبر الستلايت، وإن بشكل مخالف للقانون، تخوفاً من استهداف اسرائيل للبنى التحتية في لبنان وانقطاع الاتصالات والانترنت.