ناقشت ورشة العمل التي نظّمتها الحركة البيئية اللبنانية بالتعاون مع وزارة البيئة، الاسبوع الماضي، خريطة طريق وضعتها الوزارة لإدارة النفايات الصلبة للسنوات بين 2023 و2026. الخريطة التي عرضها وزير البيئة ناصر ياسين أمام عدد كبير من اتحادات البلديات والبلديات والجمعيات وبعض الجهات المانحة، تدمج بين البُعد الاستراتيجي القائم على التخفيف والبعد العملي القائم على الفرز والتسبيخ وإدارة متكاملة تنتهي بمطامر للعوادم، وتتضمن اقتراح قانون لاسترداد الكلفة. الإضافة «الاستثنائية» في هذه الخريطة هي تطبيق المبدأ الاستراتيجي بتخفيف إنتاج النفايات عبر وضع ضريبة على المنتج وتشجيع الفرز من المصدر، وتسعير المواد المفرزة من بلاستيك وكرتون ومعادن بالدولار، وتنظيم البلديات عملية الفرز وبيع المواد المفروزة والعضوية (أكثر من 50٪ من حجم النفايات المنزلية الصلبة) بعد تحويلها إلى كومبوست، وتشجيع صناعة إعادة التدوير، واقتراح رسوم لاسترداد كلفة الإدارة المتكاملة تبدأ بدولارين للمنازل الصغيرة شهرياً وتنتهي بأكثر من ألف دولار للمتاجر الكبيرة، مع ضرائب على المنتج والمصنع.
تهدف الخطة إلى إنقاذ القطاع من الانهيار الشامل بعدما بات وضع إدارة النفايات الصلبة (والسائلة) حرجاً جداً، مع الإفلاس التام للدولة والبلديات. فقبل الأزمة الأخيرة، كان معدل إنتاج لبنان من النفايات الصلبة يقدر بـ 7000 طن يومياً، وقد انخفضت الكميات مع الأزمة بأكثر من 25% (قبل أن تعود هذا الصيف إلى الارتفاع)! ورغم تراجع إنتاج النفايات إلى حوالي 5600 طن يوميا، ألا أن الجزء الأكبر من البنى التحتية للمعالجة قد توقف، وتقتصر المعالجة اليوم على 8% فقط من النفايات المنتجة، فيما المطامر، ولا سيما الساحلية منها، بلغت ذروة قدرتها الاستيعابية، مع تسجيل زيادة ملحوظة في عدد المكبات العشوائية وحجمها.
وتقدّر كلفة تشغيل قطاع إدارة النفايات الصلبة في لبنان بـ 130 مليون دولار سنوياً (35 دولاراً لمعالجة الطن و15 دولاراً للطمر)، إضافة إلى كلفة معالجة المكبات العشوائية التي تتسبب بتلوث الهواء والتربة والمياه السطحية والجوفية، والتي تقدر كلفتها، إضافة إلى معالجة المطامر الشاطئية الـ 8، بأكثر من نصف مليار دولار.
لنجاح خريطة الطريق الجديدة، يحاول وزير البيئة أن يوفق ويجمع بين المشاريع الممولة من المانحين الدوليين لدعم قطاع النفايات الصلبة (الجدول المرفق)، فيما تجاوب البلديات واتحادات البلديات المشاركة يبدو مثقلاً بتجارب تعثّر عمل كثير من معامل الفرز والتسبيخ المموّلة خارجياً ما أدى إلى فشل معظم الخطط السابقة.
في الخلاصة، جرب لبنان كل أنواع الخطط، الطارئة وغير الطارئة، وكل أنواع التقنيات من الفرز والتخمير وإعادة التصنيع إلى الطمر والحرق والترحيل… من دون نتيجة. كما جرّب الحلول المركزية لإدارة النفايات حين لزّم شركة واحدة منذ عام 1996 أكثر من نصف نفايات لبنان (بيروت والضاحية وجبل لبنان)، والحلول اللامركزية بإنشاء معامل للفرز والتسبيخ مع عدد من البلديات واتحادات البلديات خارج بيروت والجبل بتمويل أوروبي. وقد فشلت الحلول المركزية بعد امتلاء مطمر الناعمة وتعثّر إيجاد بديل مع وصول كلفة الطن إلى أكثر من 150 دولاراً، وكذلك الخطط اللامركزية لإنشاء معامل في معظم المناطق! من هنا، كان لزاماً قبل وضع خريطة طريق جديدة التأمل في أسباب هذا الفشل: هل هو بسبب فساد السلطات المركزية المتعاقبة وتواطئها مع التلزيمات المركزية فقط، أم بسبب ضعف السلطات المحلية والنزاعات الحزبية والعشائرية والعائلية وسياسات الزواريب والأحياء ؟ أم لعدم نضوج فكرة الدولة الراعية؟ أم هي مشكلة الجهات المانحة التي تخطط لتنفيع شركات أجنبية وخبراء معيّنين، خارجيين ومحليين؟
الخلاصة الأهم، بالتوازي مع إعادة طرح فكرة اللامركزية الإدارية (والمالية)، أن اللامركزية لن تكون ناجحة إلا بوجود دولة مركزية قوية مؤتمنة على ديمومة الموارد، وتعتبر استراتيجية إدارة النفايات جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية إدارة هذه الموارد.
المشاريع الرئيسية الممولة من المانحين الدوليين
– مشروع التعافي البيئي وإدارة النفايات في بيروت (2022 – 2025) الممول من البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بـ 10 ملايين دولار، ويهدف إلى وضع مخطط محلي للمنطقة الخدماتية في بيروت والمتن وتأهيل مرفقَي الكرنتينا للفرز والكورال للتسبيخ.
– مشروع الحد من الملوثات العضوية الثابتة (2022 – 2026) بتمويل من مرفق البيئة العالمي عبر البنك الدولي بقيمة 8.9 ملايين دولار، ويهدف إلى وضع خطط محلية للمناطق الخدماتية في عكار وصور والنبطية وإعادة تشغيل مرافق معالجة النفايات والطمر الصحي.
– مشروع منع التلوث في بحيرة القرعون والتحول الأخضر في قطاع الأغذية الزراعية (2023 – 2028) الممول من البنك الدولي بقيمة 25 مليون دولار ويهدف إلى وضع خطط محلية للمناطق الخدماتية في بعلبك والبقاع الغربي وزحلة وزغرتا – بشري والضنية وبنت جبيل – مرجعيون وحاصبيا، وتحديث استراتيجية النفايات وإعادة تشغيل مرافق المعالجة في المناطق الريفية.
– مشروع الحد من القمامة البحرية في البحر المتوسط من خلال الإدارة الذكية للنفايات في المدن اللبنانية الممول من ألمانيا ومعهد وبرتال/ برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (2022 – 2025) بقيمة 4.57 مليون يورو، ويهدف إلى إعداد دراسات الجدوى والخطط المحلية للمناطق الخدماتية في طرابلس – المنية، الكورة، البترون، كسروان، جبيل، بعبدا، عاليه والشوف وصيدا وجزين… لتعزيز إدارة النفايات البلدية الصلبة وتقليل النفايات البحرية.
– مشروع حماية الموارد البحرية وتنميتها المستدامة (2020 – 2024) الممول من الاتحاد الأوروبي بقيمة 6.43 ملايين يورو ويهدف إلى دعم اتحاد بلديات إقليم التفاح وجرد القيطع لتبنّي نهج الإدارة المتكاملة للنفايات.
– مشروع الإدارة المتكاملة واللامركزية (2022 – 2024) الممول من الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بـ 19.75 مليون يورو بهدف تقليل حجم النفايات التي تذهب إلى المطامر وتغطية كلفة الإدارة البلدية.
– مشروع إزالة التلوث في القرعون (2022-2024) بقيمة مليوني دولار، وبإدارة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتشغيل وصيانة مرافق النفايات من خلال تركيب أنظمة الطاقة الشمسية.
– مشروع دعم إنشاء مطامر صحية (2022 – 2024) بتمويل من الصندوق الكويتي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بقيمة 2.5 مليون دولار لإغلاق مكب غزة في البقاع الغربي وإنشاء مطمر صحي في حبالين وزحلة وتركيب أنظمة الطاقة المتجددة.
– مشروع دعم إنشاء مطامر صحية بقيمة مليوني دولار بتمويل من صندوق التنمية الألماني (2022 – 2024) لبناء مرفق جديد للطمر في زحلة.
– مشروع دعم وإنشاء مطامر صحية (2022 – 2024) بتمويل من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي بقيمة 1.9 مليون دولار لإغلاق وإعادة تأهيل مكبَّي حزرتا وشمسطار وإنشاء محطة جديدة لمعالجة العصارة في مطمر زحلة.
– مشروع دعم إدارة النفايات في جرد القيطع وحاصبيا (2022 – 2025) ممول من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي بقيمة 5.6 ملايين دولار بهدف دعم اتحادات بلديات جرد القيطع وحاصبيا لإدارة النفايات بشكل متكامل.
– مشروع تحويل النفايات عن طريق تشجيع إعادة الاستخدام والتدوير (2022 – 2025) مموّل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بقيمة 15 مليون دولار ويهدف إلى تطوير حلول شاملة لإدارة النفايات وإعادة الاستعمال، ولا سيما العضوية منها وخصوصاً في مناطق بسكنتا وجزين والقرعون وراشيا الوادي وأنصارية ورأس المتن وأنفه.