خسائر فادحة يُسجّلها الاقتصاد تفوق التريليونات والسبب.. الإحتكار «المحمي والمنظم»

تعود أسباب إنخفاض الكفاءة الاقتصادية لعوامل عديدة، منها الإحتكار، التعلّق بالخارج، العوامل السياسية، الضرائب، إنهيار العملة، الحد الأدنى للأجور، الإعانات، الدعم… وغيرها. ويأتي الإحتكار على رأس هذه اللائحة كأول أسباب غياب الكفاءة الإقتصادية، حيث إن الأسعار الإحتكارية الناتجة عن الندّرة المُصطنعة تجّعل الاقتصاد يفقد الكثير من الفرص الإنتاجية وبالتالي الوظائف من خلال خفض مُصطنع للاستهلاك وارتفاع بالأسعار غير مرتبط مباشرة بالطلب، بل مصطنع أو بكلمة أدق إرتفاع مقصود طلباً لربح استنسابي.

عبثية التُجّار في لبنان مبنية على حصد الكّم الأكبر من الأرباح وذلك عبر عدّة طرق:
اولاً – إستخدام سعر صرف الدولار في السوق السوداء كحجّة أساسية في رفع الأسعار مع إحتفاظهم بمركز إحتكاري غير موجود في العالم إلا في بعض الدول المتخلفة اقتصاديا المُشابهة للبنان.

ثانياً – تهريب السلع والبضائع المدفوعة بدولارات من مصرف لبنان على السعر الرسمي وعلى سعر المنصّة الإلكترونية إلى دول أخرى مثل سوريا، تركيا، الكويت، غانا، السويد…!

ثالثاً – يعرف التجّار مُسبقًا أن هناك كتلة نقدية موجودة بين أيدي المواطنين، وبالتالي يسعون إلى سحب هذه الكتلة من خلال رفع الأسعار بشكل غير إقتصادي أو مالي.

رابعًا – يقوم التجّار من خلال عمليات الإستيراد والتصدير إلى إخراج دولاراتهم من لبنان! هذا الأمر يتمّ من خلال التهريب ولكن أيضًا من خلال عدم إعادة الدولارات التي تخرج من لبنان إلى القطاع المصرفي!
خامساً – يعلم التجار أن الأجهزة الرقابية غائبة (في أحسن الأحوال) أو مُتواطئة (في غالب الأحوال)، وبالتالي يذهبون بعيدًا في إستراتيجيتهم عبر الإمعان في رفع الأسعار والتهريب مع ما لها من تداعيات كارثية إقتصاديًا وإجتماعيًا ونقديًا.

الدولار في السوق السوداء يبعث الفوضى في حياة اللبنانيين مع تقلبات لا يُمكن تفسيرها من خلال منطق إقتصادي فقط! فطرح مشروع قانون لدفع غلاء معيشة على فترة ستّة أشهر بكلفة 800 مليار ليرة لبنانية من دون تأمين تمويل لها، وطرح مشروع قانون سلفة لشركة كهرباء لبنان من دون تأمين تمويل لها أيضًا، سيؤدي حتما إلى أن يعمد مصرف لبنان إلى طبع العملة على الرغم من وصول الكتلة النقدية (بالليرة اللبنانية) إلى مستويات تاريخية، فقد أدى رفع الكتلة النقدية بأكثر من عشرة تريليون ليرة إلى تأجج منسوب المخاوف مما خلق هلعاً لدى العامة والخاصة.

إضافة إلى ذلك، زادت عملية التهريب من لبنان للسلع والبضائع المدعومة بشكل كبير خلال المرحلة الماضية، إذ يقوم التجار بالمحافظة على دولاراتهم في الخارج وبالتالي ازدادت وتيرة إستنزاف الدولارات في مصرف لبنان الذي قام بعملية رفض لبعض العمليات مما دفع بالتجار إلى تهديد المواطنين بقطع السلع عن السوق!

 

مصدرجريدة الديار - بروفسور جاسم عجاقة
المادة السابقةهذا ما سيحصل: بين الدولار المصرفي ودولار السوق السوداء
المقالة القادمة“رونغشينغ” الصينية تشتري 5 ملايين برميل من خام الشرق الأوسط في مناقصة