آمال الحكومة الإنقاذية والشعب المرهق، معلّقة على قروض «سيدر» وصندوق النقد الدولي، فيما دول العالم تُغلِق على نفسها بأقفال حمايات اقتصادية وكورونية، وفي أزمات لا ندري أي مساحة أو فرصة تبقى للبنان بين أكثر من 150 دولة كبرى وصغرى تدق باب الصندوق سعياً لقروض وتسهيلات، في مرحلة ارتفعت فيها ديون العالم الى أكثر من 260 ترليون دولار، مقابل إنتاج عالمي لا يزيد عن 85 تريليون دولار، ووسط ارتفاع قياسي في معدلات البطالة العالمية، وإفلاسات العديد من المصارف الكبرى والمؤسّسات العملاقة، وانهيارات في أسواق المال والبورصات وفي أسعار النفط، وعلى وقع صراعات أميركية – صينية، وأميركية – روسية، وأميركية – إيرانية تهدّد العالم بمواجهات عسكرية دولية وتداعيات اقليمية.
ووسط هذه المخاطر الخارجية، والنزاعات السياسية اللبنانية الداخلية، كيف يمكن الاعتماد على خطة اقتصادية حكومية مرسومة بأرقام دفترية ومؤشّرات وتوقّعات نظرية على مدى خمس سنوات! تتغيّر باستمرار ولا تستقر على حال؟،.. فكيف يمكن مثلاً، أمام كل هذه المخاطر العاتية والتغيّرات المفاجئة، رفع معدل النمو السنوي كما في الخطة، من الآن حتى العام 2024، من ناقص سلبي 12% إلى زائد 2%! أو خفض نسبة عجز الموازنة إلى الناتج من 11.3% إلى فقط 1.3%! أو رفع الفائض الأوّلي من ناقص سلبي 3.9% إلى فائض زائد 1.6% أو خفض نسبة الدين العام إلى الناتج من 175% إلى 103.1% أو خفض نسبة التضخّم من 25.1% إلى 5.2% ؟
الجواب عند الحكومة يعتمد أوّلاً على قروض الإنقاذ من «سيدر» والصندوق الدولي، وهذا أمام الأزمات المالية والاقتصادية العالمية في أحسن أحواله، مجرّد احتمال. ويعتمد ثانياً على معركة «كسر عظم» مع نظام لا يبدو أنّ الحكومة بعد تجنّبها الآن المواجهات الإدارية السهلة، قادرة على أنْ تشتبك معه في معارك سياسية صعبة، إلا إذا ثبت العكس.. وبالانتظار يبقى الجواب في التقرير الصادر مؤخراً عن وكالة Fitch الدولية، حول أنّ «الاقتصاد اللبناني ما زال مكشوفاً على مخاطر محلية وإقليمية وعدم استقرار متزايد غير ملائم للتحويلات أو الاستثمارات الخارجية، تزيده حدّة اعتماد اقتصاده على قطاعات ثلاثة هي: المصارف والسياحة والعقار. وكلها الآن في مرحلة غاية الحساسية من التحديات الصعبة والمخاطر الداهمة»، وكما في تقرير البنك الدولي قبل أيام بأنّ لبنان سيشهد غالباً نقصاً في التحويلات الخارجية بمعدل 17% هذا العام، أو في تقرير «معهد باسل فليحان المالي» بأن جائحة كورونا ستزيد في تعقيدات الوضع الاقتصادي الاجتماعي لفترة طويلة.