خطة ردّ الودائع: مأساة للمودعين وكارثة للإقتصاد

لم يكن التصريح الذي أدلى به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي منذ أيام من دافوس، والذي كشف فيه عن خطة لاسترداد الودائع، مؤشراً إيجابياً ومطمئناً، بل على العكس قرأ فيه الباحث والخبير الإقتصادي، نوعاً من “الإستفزاز للمودعين، على اعتبار أنه كان يتكلم عن خطة كانت تدرسها الحكومة لاسترداد الودائع”. ويعزو الخبير فرح سبب الإستفزاز إلى التوقيت، معتبراً أنه “لا يمكن أن تكون الحكومة بعد الإنهيار الذي أصاب لبنان، وبعد أربع سنوات ونصف، ما زالت تتكلم عن خطة تدرسها لاسترداد الودائع، بينما المفروض أن تكون الخطة قد أقرت منذ 4 سنوات، وأن يتحدث رئيس الحكومة عن نجاح الخطة واجتياز الأزمة وليس عن خطة يدرسها لاسترداد الودائع”.

ورداً على سؤال عن الخطة الحكومية المطروحة، يكرر فرح أن ما تضمّنته، يشكل سبباً استفزازياً إضافياً للمودعين، لأن “كل الخطط الحكومية التي قُدّمت حتى الأن، كانت كلها تركز على شطب الودائع بشكل نهائي، بمعنى تنكّر الدولة لأي مسؤولية بموضوع الودائع، و بالتالي من هنا أتى التصريح بغير التوقيت المناسب من حيث الشكل و من حيث المضمون”.

وعن تقرير التدقيق الجنائي الذي حدد وجهة أموال المودعين وتوجه الدولة إلى تحمل مسؤولياتها، يجيب فرح أنه “عندما نكلف شركة دولية القيام بتدقيق جنائي فهذا يعني أننا في صدد البحث عن الحقائق، بمعنى أننا نشك بعملية سرقة وهدر للمال الذي نحقق فيه، وبالتالي صدر التقرير وكتب بوضوح من دون أي لبس، أن الدولة البنانية هدرت المال بالتواطوء مع مصرف لبنان، بحيث كان يتمّ إخفاء الخسائر، لكي لا تضطر الدولة إلى سد هذه الخسائر من الخزينة حسب المادة 113 من قانون النقد و التسليف، وهذا ما ورد في تقرير ألفاريز، الذي حدد هدراً ب 51 مليار دولار لسنة 2020، أي أن هناك مليارات إضافية من الخسائر من المفروض أن تكون سجلت في الأعوام الثلاثة الأخيرة، ما يجعل الدولة مسؤولة عن كل الخسائر”.

وعليه، يكشف فرح أن “التدقيق الجنائي يجب أن يشمل الوزارات أيضاً للبحث ما إذا كانت الأموال التي حصلت عليها الدولة من ودائع اللبنانيين، قد أُنفقت وفق الحوكمة، أو وهدرت وسُرقت، بعدما بات واضحاً أن المشكلة الأساسية هي عند الدولة، ومن المفروض عليها، اتخاذ القرار بالنسبة لتسديد ديونها للوصول إلى جزء من الحل، لأنه من غير الممكن ابتكار حل أو خطة لإعادة الودائع من دون أن تتحمل الدولة مسؤولياتها”.

وعن الحلول المُتاحة والمُمكنة لردّ الودائع، لم ير فرح أنها متعددة، كاشفاً أن “أفضل الحلول في الواقع الراهن، ستشكل مأساةً للمودعين أولاً وكارثة للإقتصاد الوطني ثانياً”.

ويفسّر فرح هذه المعادلة بأن “الدولة بوضعها الحالي، عاجزة عن تحمّل أعباء ديون أضافية وأن تدفع أية أموال للمودعين، لذلك لا يجب أن تحافظ الدولة على شكلها الحالي، وأن تعمل على تغيير نمط القطاع العام وإدخال القطاع الخاص إلى إدارة مؤسسات القطاع العام، لأنها السبيل لمضاعفة إيرادات الدولة، لتصبح لديها القدرة للوفاء بجزءٍ من ديونها، بينما استمرار الواقع على ما هو عليه ورفض ردّ الديون، فهذه مشكلة، وحتى إذا أرادت ردها فهي عاجزة أيضاً إذا ما تغاضت عن إجراء إصلاحات وإعادة هيكلة القطاع العام”.

مصدرليبانون ديبايت
المادة السابقةفي ظل تعدد الخدمات المدفوعة الاجر وفوضى التسعير والضرائب والرسوم
المقالة القادمةالتزلج رياضة المقتدرين في لبنان.. و”الذهب الأبيض” في متناول الجميع