خطة 2022… وكهرباء صفر على عشرين

خطة الكهرباء التي ولدت ميتة في العام 2010 «تتقمص» مع كل وزير طاقة جديد. فكما أطلق معمر القذافي اسم «عائشة» على جميع حارساته الشخصيات، وميّز بينهن بالأرقام، نستطيع أن نسمي حلول وزراء الطاقة لتأمين الكهرباء بخطة جبران باسيل على أن نميّز بينها بالسنوات. تتميّز الخطة التي أطلقها وزير الطاقة جبران باسيل في العام 2011 وتكرّرت مع كل وزراء الطاقة اللاحقين بعنوانين عريضين:

– الحل الدائم ويتمثل ببناء المعامل (توسيع دير عمار، إنشاء سلعاتا..).

– الحل الموقت ويتمثل بالاستعانة بمصادر طاقة آنية على غرار البواخر، إلى حين إنجاز المعامل.

جوهر المشكلة هو بتضمين الخطط، مواربة أو جهاراً، «تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء»، فيما الحل يبدأ بتطبيق القانون 462/2002 وتعيين الهيئة وإيكالها وضع الخطة المناسبة»، يقول مدير العمليات في شركة «ميدل إيست باور» المهندس يحيى مولود. و»طالما لا تبدأ الحلول بإنشاء الهيئة الناظمة للقطاع عبثاً نحاول إصلاح الكهرباء».

من ضمن ما تتضمّنه خطة العام 2022 لزيادة القدرة الإنتاجية في المرحلة الأولى لتأمين ما يقارب 10 ساعات تغذية يومياً بالاستناد إلى 3 عناصر:

– عقد الفيول العراقي الذي ينتج منه 500 ميغاواط، ويؤمن تغذية تتراوح بين ساعتين و4 ساعات في الأربع وعشرين ساعة.

– إستيراد الكهرباء من الأردن بمعدل 200 ميغاواط، تؤمن ساعتين من التغذية.

– إستجرار الغاز من مصر إلى معمل دير عمار الذي ينتج بحدود 450 ميغاواطاً، ويرفع التغذية إلى حدود 4 ساعات.

أمران غابا عن حسابات وزير الطاقة، أو جرى تجاهلهما، في إطار تسويق الخطة، هما:

الأول، أن عقد الفيول العراقي ينتهي في أيلول هذا العام، أي بعد 6 أشهر فقط على بدء استيراد الكهرباء من الأردن والغاز من مصر. وبغض النظر عن رداءة الفيول المستورد ومساهمته في انخفاض الإنتاج، تعتري تجديد الإتفاق معوقات مالية وسياسية قد تفضي إلى عدم تجديد العقد. وعليه فإن المرحلة الأولى ستخسر فوراً 500 ميغاواط في حال لم يتجدد العقد.

الثاني، أن استيراد الغاز من مصر لا يزيد الإنتاج في معمل دير عمار، لأنه في الأساس ينتج 450 ميغاواطاً بتشغيله على الفيول. وأن الهدف من الانتقال إلى الغاز هو تخفيض الكلفة وتخفيف التلوث. مع العلم أنه من الصعب في ظل الوضع الحالي تحمّل استيراد 70 ألف طن فيول شهرياً لتشغيل المعامل الحرارية وتأمين ثمن الغاز المستورد من مصر في الوقت نفسه.

على هذا الأساس، فإن القدرة الإنتاجية القصوى في المرحلة الأولى ستكون 650 ميغاواطاً لا ينتج عنها أكثر من 5 ساعات تغذية.

الوصول إلى 24/7 كهرباء يتطلب بحسب الخطة بناء معمل في سلعاتا في المرحلة الثانية، والاعتماد بنسبة 30 في المئة على الطاقة النظيفة. وهذا ما يتعارض مع خطة كهرباء فرنسا التي أوردت أن لا حاجة نهائياً لمعمل سلعاتا، وركّزت على ضرورة الوصول إلى إنتاج 40 في المئة من الطاقة النظيفة في غضون 5 سنوات تنتهي في العام 2025. كما بيّنت دراسة حديثة لـ»الجمعية اللبنانية للطاقة المتجددة»، أن بإمكان لبنان إنتاج 50 في المئة من حاجاته أي ما يعادل 1500 ميغاواط بشكل سريع جداً وبالاعتماد على مشاعات الدولة فقط.

كلفة التعرفة النهائية في الخطة مقدرة بـ 9.7 سنتات أو ما يعادل 2088 ليرة على سعر السوق اليوم، وهو سعر ليس مرتفعاً. لكن على الأكيد فإن هذه التعرفة لا تؤمّن التوازن المالي للمؤسسة، خصوصاً في المرحلة الأولية. إذ إن «متوسط كلفة الإنتاج في معامل الفيول بلغ 14 سنتاً في خطة العام 2019 عندما كان سعر برميل النفط 71 دولاراً»، بحسب مولود. و»ذلك باستثناء معملي الذوق والجية اللذين تبلغ كلفة إنتاج الكيلوواط فيهما حوالى 10.9 في المئة». وبالتالي فإن وصول سعر برميل النفط إلى حدود 100 دولار، والتوقع بألا ينخفض طوال هذا العام عن 85 دولاراً، يجعلان، بصدور أي تعرفة تحت 14 سنتاً بالحد الأدنى، كهرباء لبنان تتحمّل خسائر كبيرة، ولا سيما إن لم يتم تسريع الانتقال نحو الإنتاج على الغاز في المعامل المجهزة (دير عمار، الزهراني، المعامل العكسية في الذوق والجية)، والتوسع بإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (هواء عكار ومشاريع الطاقة الشمسية بواسطة المشاعات الحكومية)، وصيانة وتفعيل المعامل الستة عشر التي تعمل على الطاقة الهيدروليكية (الكهرومائية) مثل (رشميا، قاديشا، وادي العرايش… وغيرها).

الانتهاء من أزمة الكهرباء لمرّة واحدة ونهائيّة يكون بتطبيق القانون 462 وتعيين الهيئة الناظمة للقطاع، عدا ذلك فإن كل المشاريع ستبقى في إطار الصفقات المشبوهة للاستفادة الضيقة على حساب القطاع والمواطنين.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةعيّنة من السلع المحلّية يفوق سعرها المستوردة: لماذا بعضها أغلى من الماركات العالميّة؟!
المقالة القادمةالحكومة والموازنة: “عين الحسود تبلى بالعمى”