تخزين المواد التموينية تحسبا وتخوفا من الانزلاق في الحرب تراجع اولا لضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين وثانيا للتطمينات التي اعلن عنها في اكثر من قطاع بأن هذه المواد تكفي لشهرين او ثلاثة وثالثا خطط الطوارىء التي اعلن عنها في اكثر من وزارة خصوصا وزارات الخدمات ، ومع دلك تشعر كل القطاعات الاقتصادية التي تعيش اليوم شللا وانتظارا بالقلق والهواجس من المستقبل القريب جدا.
في ظل الظروف المأساوية التي يعيشها لبنان حاليا والخوف الكبير من الانزلاق نحو الحرب كيف يبدو المشهد الإقتصادي على أرض الواقع وهل الانهيار فيه بات أمرا واقعا لا حيلولة منه؟
نبيل فهد نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت ورئيس نقابة السوبرماركت يقول أن القطاعات الإقتصادية كلها باتت مشلولة وهي تتدحرج نحو الأسوأ لا سيما أن لا قدرة للبنان بلدا وشعبا على مواجهة تداعيات الحرب الممكنة لكن الكل يتحضر للمواجهة بمختلف الوسائل والخطط.
ان جو الإقتصاد العام هو جو خوف وعدم معرفة بما ينتظرنا مستقبلا ،كما أن كل إدارة لا تعرف كيف تضع خططها لأنها لا تستطيع التخطيط لليوم التالي وبالنتيجة التخطيط مفقود لأننا لا ندري ماذا ينتظرنا في الغد وهذا المجهول شل الإستثمار حتى في ابسط الأشياء كالصيانة ومتابعة الأمور العملية اليومية في كل الشركات التي لجأت إلى التقنين والاختصار في مصاريفها والاحتفاظ بالسيولة في يدها وعدم صرفها لأنها لا تدري ماذا سيحدث غدا . أن هذا كله أدى إلى شلل البلاد وشلل الإقتصاد الذي فرملت دورته . أجل أن الإنتظار أدى إلى شلل عام والخوف أدى ايضا الى شل الحركة الإقتصادية بشكل كبير.
ويعتبر فهد بان القرار ليس بيد الإقتصاديين . لقد قال رئيس الحكومة أنه لا يستطيع طمأنة الناس لذا كيف باستطاعتنا نحن أن نضع الخطوات العملية للسير بها؟.. اننا نبادر إلى خطوات احترازية فإذا وقعت الحرب نكون جاهزين لها ، لكن الضعف الكبير الذي نعاني منه هو في موضوع المحروقات إذ هنا تقع الحلقة الأضعف. اننا باستطاعتنا التخزين في كل شيء ما عدا المحروقات إذ أن شركات الاستيراد تقول ان مخزونها هو لمدة أسبوع أو ١٥يوما فقط كحد أقصى . كما أن الناس لن تكون لديها القدرة على التنقل بفعل الافتقار إلى المحروقات،ان قضية المحروقات لا حل لها.
أن الكل متفق على اننا لا نستطيع تحمل نتائج اي عمل عدواني تقوم به إسرائيل فالوضع سيكون كارثيا كما أن وضع الشلل الذي نحياه حاليا سيؤدي حتما الى كارثة لذا كيف سيكون الحال اذا وقعت الحرب مع كل ما يكتنفها من عوائق وسلبيات ؟ اننا نشعر كأننا ريشة في مهب الهواء. أن هذا أمر مؤسف جدا ومخيف . لقد عاشت الدورة الإقتصادية انتعاشة في فصل الصيف لا سيما في القطاع السياحي بينما كان القطاع الصناعي قد حافظ على نفسه وبدأ القطاع التجاري بالتحسن بشكل تدريجي ليعود اليوم فيصاب بشلل تام وهو ليس وحده من يعيش هذا الواقع إذ تبعته كل القطاعات الإقتصادية ولسوء الحظ القرار ليس بيد أحد.
وعن التحرك الذي يقوم به الاقتصاديون بقول فهد :
لقد تأثر القطاع السياحي بشكل جذري والاشغال الفندقي اليوم يساوي أقل من ٥ %. وهذا ينطبق أيضا على الملاهي والحفلات والمؤتمرات التي ألغيت كلها ،كما أن قطاع تأجير السيارات قد توقف.ان كل ما يرتبط بالسياحة مشلول حاليا والخطر الأكبر أن هذا الشلل سيمتد إلى فترة أعياد نهاية العام ومن كان يخطط لتمضية أجازة العيد في لبنان بادر لتغيير خططه وإلغاء حجزه والتخطيط للذهاب الى بلد آخر . أن من ألغى حجزه لن يعود حتما إلى لبنان حتى لو تغيرت الأمور وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة لنا بالإضافة إلى مشكلة التصدير ففي ظل حدوث اي مشكلة في البحر سيتعرقل التصدير خصوصا ان التصدير في البر معرقل اصلا مما يعني بالنتيجة شل المصانع الإنتاجية التي تمكنت من اجتياز فترة الانهيار الإقتصادي وحافظت على عملها وتصديرها وحصلت على حصة كبيرة من السوق المحلي لكن في ظل غياب توفر المواد الأولية والقدرة على التصدير ستتأذى هذه المصانع.
الخطط الحكومية
ويتحدث فهد عن الخطط التي شارك فيها الاقتصاديون فيقول :حلقة ضعيفة هي موضوع المحروقات فإذا لم يتم حل هذه المسأله فلا فائدة لكل الخطط التي يتم تجهيزها ولهذا نحن نحذر من الذهاب إلى الحرب فلا قدرة لنا على تحمل ١٠%من تبعاتها.
وامل فهد أن يصل صوتنا على الأقل وان تعرف بشكل جلي كل المعلومات عن كل القطاعات الإقتصادية. الأهم لدينا هو نقل الصورة الحقيقية للوضع الإقتصادي الذي تعاني منه المؤسسات والشركات بشكل يومي. على المسؤولين معرفة حقيقة ما تعانيه هذه القطاعات وما هي خططها ومدى قدرتها على التحمل في ضوء كل المستجدات.
الوضع التمويني
وعن الوضع التمويني يقول لقد جاءت الحركة في هذا الموضوع على وتيرة متقلبة إذ أنه في البداية هجمت الناس على السوبرماركت للتبضع ثم خفت هذه الحركة لتعود مجددا مع ارتفاع معدل الحركة الحربية في الجنوب لكن التخزين هذا لم يكن مرتفعا لضعف قدرة الناس الشرائية وقلة السيولة في يدها وقد لاحظنا أنها استعملت مالها المدخر فالزيادة بالبيع جاءت بالدولار بينما قيمة الأموال المدفوعة بالليرة بقيت كما هي ، وقد كانت نسبة التخزين أقل بكثير عما كانت في الماضي والوتيرة بالزيادة ليست مرتفعة خصوصا في مناطق بيروت وشمالها.
لقد لجأنا إلى تسهيلات بالدفع كاعتماد الدفع بالبطاقة المصرفية ١٠٠% ؟
لقد تم ضبط السيولة بالليرة اللبنانيه وقد انخفض حجمها بالنتيجة لأن المصرف المركزي امتص السيولة من السوق واوقف طبع الليرة وامتنع عن تمويل الدولة . لقد أصبحت قيمة الأموال الموجودة في المصرف توازي قيمتها في الـ credit card لذا عادت سلسلة الدفع كما كانت في الماضي.
هل صحيح أن الإقبال على تخزين السلع والمواد الغذائية جاء على حساب قطاعات أخرى في السوبرماركت؟
لقد لمسنا ذلك في بداية الأزمة إذ حدث انهيار في مبيعات الكماليات والمواد غير الأساسية وقد تم التركيز على الحبوب ذات الصلاحية الطويلة وعلى المعلبات والزيت والماء.
لقد لاحظنا انه كلما ازداد الوضع تأزما في منطقة الجنوب كلما تهافت الناس على تخزين المواد الغذائية والاستهلاكية . ربما هذا لصالح السوبرماركت لكن عندما يخف الضغط تنخفض حركة البيع وبالنتيجة لا يوجد انتظام بالمبيع لأن الناس في النهاية لا تملك الكثير من المال إذ أن امكانياتها اليوم محدودة والمال غير متوفر معها بالشكل المطلوب.
لكن الا ترتفع الأسعار نتيجة الإقبال على شراء المواد التموينية؟
كلا لم ترتفع الأسعار إجمالا لكن إذا رفعت بعض المحلات أسعارها فنحن نعتبر انها لا تمثل القطاع وخاصة قطاع السوبرماركت لسببين أساسيين أولا أن عرض البضاعة متوفر ولا يوجد انقطاع بذلك إنما كميات البضاعة متوفرة وبشكل كاف لتلبية طلب السوق كما أن المنافسة بين نقاط البيع قوية جدا وقد زادت بفعل إعتماد الدولرة في السوق ولهذا نرى العديد من السوبرماركت تعمد أسبوعيا إلى إنزال عشرات الأصناف بأسعار متهاودة وتقدم عروضات جاذبة للمستهلك. أن هذه المنافسة لا تشجع اي شخص على رفع أسعاره. لقد أصبح السوق مضبوطا بفعل المنافسة .
حاليا الا تخزن السوبرماركت بعض السلع تحسبا للأسوأ؟
ان طريقة عمل السوبرماركت تقضي بشراء البضاعة من المستورد والمصانع بطريقة منتظمة وليس لديها القدرة على تخزين البضاعة بكميات كبيرة جدا .في آخر عشرين سنة اعتمدت السوبرماركت تأمين بضاعة حسب الطلب وحتى البضاعه التي تتحمل التخزين السوبرماركت لا تخزنها. لكن يجب النظر الى التخزين لدى المصانع والمستوردين لمدة شهرين أو ثلاثة. اننا نزيد كميات البضاعة التي نلمس زيادة الطلب عليها لكن علينا الاننسى أن لا قدرة مالية كافية لدينا حاليا تسمح لنا بشراء كميات كبيرة من البضاعة إذ لا يوجد تحويل من المصارف ونحن نعتمد على ما نبيعه لكي نعود فنشتري ما نحتاجه من بضاعة .