خطّة الكهرباء… بيع سمك في البحر

لم يتردد وزير الطاقة وليد فياض في الإشارة إلى أنّ اولى وظائف «الخطّة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء» التي أقرّها مجلس الوزراء بعد إدراج بعض التعديلات التي كانت موضع خلاف بين الوزير من جهة ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبعض الوزراء من جهة أخرى، هي إقناع البنك الدولي بجدية الحكومة اللبنانية في معالجة القطاع المتهالك، لإقرار القرض لتمويل استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر.

وفي الواقع، فإنّ هذه الخطة لم تبصر النور بصيغتها النهائية إلا لتحقيق هذا الهدف. أمّا غير ذلك، فستوضع الخطة في الأدراج، لسبب بسيط وعملي، هو أنّ هذه الحكومة ستدخل خلال شهرين من الزمن مدار تصريف الأعمال، وستتحجج بعدم قدرتها على عقد جلسة لمجلس الوزراء، كي لا تقوم بأي خطوة عملية من شأنها أن تنقل الخطّة من الورق إلى أرض الواقع.

ماذا في تفاصيل التعديلات التي أقرّت؟

وفق قرار مجلس الوزراء الأخير، فقد تقرر «أولاً: الموافقة على الخطّة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء في لبنان المرفقة بكتاب وزارة الطاقة والمياه رقم 1968/ تاريخ 2/3/2022 بعد تعديل تاريخ تعيين الهيئة الناظمة ليصبح في العام 2022 بدلاً من العام 2023، أضافة إلى تعديل الخطّة في شقّها المتعلق بمواقع المحطات بحيث يتمّ تحديد تلك المواقع لاحقاً بحسب الحاجة ووفقاً للضرورة ومع مراعاة الشروط البيئية، وعلى أن تُلحظ محطة منها في المنطقة الواقعة في ساحل لبنان الشمالي. ثانياً: التأكيد على ما ورد في خطة الكهرباء لجهة وجوب تنفيذ القانون رقم 462/2002 بصيغته الراهنة كما ولجهة تكليف وزارة الطاقة والمياه إعداد دفتر الشروط الخاص لإطلاق مناقصة عالمية لإنشاء معامل لإنتاج وتوزيع الطاقة، وذلك بمهلة أقصاها شهران من تاريخه».

هذا يعني، أنّ مجلس الوزراء قرر التحايل على الألفاظ والتعابير لتجنّب الخلاف، على اعتبار أنّ وزير الطاقة، ومن خلفه الفريق العوني، مصران على عدم تعديل المخطط التوجيهي الذي يتضمن بناء معمل لانتاج الطاقة في سلعاتا. ولما كانت الحاجة ماسة لاقرار خطة تحاكي تطلعات البنك الدولي، كان لا بدّ من ايجاد تخريجة قانونية على قاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم»، فجرى الاستعاضة عن موقع سلعاتا، بتعبير «ساحل لبنان الشمالي»، ما يعني ترك احتمال اعادة موقع سلعاتا إلى الخريطة قائماً. ويقول أحد الوزراء إنّ الروزنامة الزمنية لبناء معمل ثالث، في سلعاتا، محددة في العام 2026، أي بعد أربع سنوات، وبالتالي إنّ افتعال مشكل سواء لجهة الدفاع عن بقاء المعمل في سلعاتا أو لجهة الدفع باتجاه اسقاط هذا الموقع، ليس مجدياً ولا يقدّم أو يؤخر في هذه اللحظة بالذات لأنّه مشروع مؤجل إلى ما بعد أربع سنوات، كما أنّ الوضع المالي للخزينة العامة ليس عاملاً مساعداً ولا مشجعاً على الاستثمار في هكذا مشاريع. وعليه، فقد تفاهم مجلس الوزراء على اقرار خطة تتضمن تعديلاً أساسياً وهو المسارعة إلى تعيين الهيئة الناظمة، قبل إعادة النظر بالقانون 462 وتعديله، على خلاف ما يطالب به «التيار الوطني الحر» الذي يضغط منذ سنوات لتعديل القانون قبل تعيين الهيئة الناظمة لمنع سحب صلاحيات وزير الطاقة ووضعها بتصرف الهيئة الناظمة. ومع ذلك، فإنّ تطبيق قرار مجلس الوزراء لجهة تعيين هذه الهيئة خلال هذا العام، دونه الكثير من العقبات، لعل أهمها تحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال.

ومع ذلك، تقول المعلومات إنّ الفريق العوني أبدى استياءه من مسار الأمور لجهة تعديل الخطة على نحو لا يتناسب مع وجهة نظره. في المقابل، فإنّ مسؤولين في البنك الدولي سارعوا إلى تسجيل ترحيبهم بخطوة مجلس الوزراء لكونها قد تسرع اجراءات القرض المالي… ولو أنّ بعض المواكبين يقولون إنّ المصريين لم يعودوا متحمسين لمدّ لبنان بالغاز لكونه بات سلعة مطلوبة أوروبياً وبأسعار مضاعفة.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةالشعب رهينة انهيار قطاع النقل العام
المقالة القادمةقطاع “الحلو”: “يوم حلو يوم مرّ”