«خوّات» كارتيل المدارس لا تحرّك وزير التربية

على مر عقود، نجحت المدارس في فرض نفسها معياراً للتعليم الجيد، مستغلة ضعف الدولة وعجزها عن تأمين تعليم رسمي متكافئ، ولا سيما بعد الحرب الأهلية. وبقيت متيقّنة من أن أي تعميم يصدر عن الوزارة لا يرضيها أو يحاول الاقتراب من أرباحها غير المشروعة لا يمرّ حتماً.

ولا يبدو، أساساً، أن لدى وزير التربية نية لإصدار مثل هذا التعميم الذي يضع حداً للابتزاز. وهو لم يأل جهداً، منذ توليه الوزارة، بإمداد المدارس بجرعات دعم مستمرة، تارة عبر تبرير «الخوات» غير القانونية التي تتقاضاها من خارج القسط، بالقول إنها «مؤسسات مأزومة ومغلوب على أمرها في مصاريفها التشغيلية»، وطوراً في السعي الحثيث مع النائبة بهية الحريري لاستصدار قانون يمنح المدارس 350 مليار ليرة من الخزينة العامة، وهكذا صار، فيما تتجه الأنظار إلى الوزير شخصياً لإصدار الآلية التنفيذية من أجل تحديد كيفية صرف المساهمة المالية، بما يتضمن الوضوح والشفافية والالتزام بوجهة الصرف.

ذريعة «المصاريف التشغيلية» لا تنطلي على الأهل، ولا سيما في بعض المدارس التي تعتمد الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء أو تلك التي اعتمدت 3 أيام تعليم في الأسبوع، في حين أن 5 في المئة فقط (لا تتجاوز 50 مدرسة) من مجموع المدارس الخاصة تدفع اشتراكات الـ 6 درجات الاستثنائية للمعلمين لصندوق التعويضات، وأن هذه الاشتراكات مع فروقاتها كان يجب أن تسدّد للصندوق منذ عام 2017، تاريخ إقرار سلسلة الرتب والرواتب، علماً بأن المدارس أخذت قيمة هذه الدرجات من الأهل.

هل يدرك الوزير أن كل المدارس الخاصة تتفلّت من أي ضريبة على الأرباح رغم العمليات التجارية والأنشطة الملحقة التي تقوم بها خارج إطار التعليم (مثل فتح الملف والقرطاسية والكتب والنقل والأنشطة اللاصفية وغيرها)، والتي يدفع الأهالي بدلاتها من خارج الأقساط، وسط غياب شبه كامل لمراقبة النفقات من جانب الأهل ووزارة التربية على السواء، فيما تزخر الموازنات المدرسية ببنود وهمية مثل «التجديد والتطوير» و«الاستهلاكات» وغيرها، والتي تذهب بمعظمها إلى أصحاب الرخص؟

وطالما المدارس الخاصة «مؤسسات غير ربحية» ومعفاة من الضرائب، متى ستكون ممارساتها ووسائلها غير المشروعة في جني الأرباح والتي جرى تفنيدها على الأقل، على صفحات «الأخبار» ولسنوات، إخباراً للنيابة العامة المالية أو للتفتيش المالي؟ وهل يمكن وزير التربية أن يقدم مثل هذا الإخبار فيستند بالحد الأدنى إلى شكاوى الأهالي في هذا الخصوص والمسجلة في قلم مصلحة التعليم الخاص في الوزارة؟

وإذا كان الحلبي يتذرع بالظروف الاستثنائية والأزمة الاجتماعية غير المسبوقة لتبرير أفعال المدارس الخاصة، فلماذا لا يتدخّل لحماية الأهل وردع المدارس عن القفز فوق هذه الظروف نفسها وفرض استيفاء الأقساط قبل بداية الفصل الدراسي وليس في نهايته، كأن تستوفي قسط الفصل الأول في أيلول، والفصل الثاني في كانون الأول والفصل الثالث في آذار مع زيادات غير مبررة وغياب لأي شفافية مالية؟

مصدرجريدة الأخبار - فاتن الحاج
المادة السابقةتسديد متأخّرات السلع المدعومة وفق سعر منصة «صيرفة»: سياسات «المركزي» لضرب الـليرة
المقالة القادمةتطبيق «AgSAT» الزراعيّ: الريّ الرقمي!