يمكن الحديث بسهولة عن الضرائب التي وضعت في الموازنة والتي أصبحت هائلة، ولكن ما لا يجب أن يتمّ تناسيه هو كيف سيدفعها المواطن إذا كانت الرواتب لا تكفيه لسدادها… هنا يجب التوقّف عند هذا الموضوع والتأكيد على أنّ المعيشة في لبنان باهظة وتكلّف أكثر مما كانت عليه عندما كان الدولار على 1500 ليرة، ورغم ذلك لا يجني المواطن ما يكفي ليؤمن قوته اليومي.
إضافة الى هذا كلّه يأتي الحديث عن تحديد سعر الصرف وتحديده على منصة صيرفة، والسؤال هنا ما سيكون إنعكاسات هذا الموضوع على الاقتصاد اللبناني؟.
يشرح الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أن “الليرة منذ شهر آذار 2023 عندما وصلت الى 143 الف ليرة للدولار الواحد ،عندما أصدر حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة قرارا بسحب الليرة من السوق وامتصاص الكتلة النقديّة، وفعل ذلك بواسطة التعميم 161 وعندما الغي التعميم، ذهبت الحكومة بإتجاه فرض دفع الضرائب “كاش” على المواطن وذلك لامتصاص الكتلة النقدية، وهذا القرار ساعد على ذلك”. ويؤكد عجاقة أن “اليوم لم يعد هناك ليرة في السوق وسعر 90 الف ليرة هو وهمي لأن من وضعه لم يقُم بذلك عن دراسة لأنه ناتج عن تبادل تجاري وعملياً الليرة لا تستخدم بالتجارة، أكثر من ذلك فالعملة الوطنية لا تستخدم بالاقتصاد وسعرها الحالي لا يعكس النشاط الاقتصادي”.
رُغم هذا فنحن نعيش في لبنان وندرك أن الأسعار حتماً ستتأثّر بأقلّ ضريبة، فكيف إذا كانت سلّة بحجم تلك الموضوعة اليوم؟. إلا أنّ هذا الخوف ليس مبرراً، إذ يؤكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائيّة هاني البحصلي عبر “النشرة” أنّ “الأسعار إرتفعت بنسبة 2 الى 5% حسب الأصناف بسبب الحرب على غزّة وقضيّة البحر الأحمر”، لافتا الى أن “الموازنة أتت بعد ذلك وهي لم تلحظ أيّ شيء اضافي كرفع الجمارك أو TVA على سبيل المثال وبالتالي لن يكون هناك ارتفاع مباشر”، معتبرا أن “الموازنة تضخميّة ومستحيل أن نستطيع حصر تأثيرها بالارقام على الاسعار، ولكن هناك ما هو أخطر على ارتفاع الاسعار كإضراب الادارات العامة والمرفأ وفقدان بعض البضائع”.
أمام هذا المشهد يطالب موظفو الادارة العامة في الدولة بزيادات. في هذا السياق يشير عجاقة عبر “النشرة” الى أنه “إذا دفعتها الدولة للموظفين فهي لن تكون بالدولار بل الليرة وحتماً سيلجأ الموظفون الى تبديلها بالعملة الخضراء وعندها سيرتفع فوراً الدولار، كذلك إذا عاد الدفع بالعملة الوطنية فسيرتفع تلقائياً الدولار”، ويلفت عجاقة الى أن “الحكومة تقف أمام خيارين فإما تبدأ بجباية الفواتير والضرائب بالدولار حصرياً، أو لا تقوم بشيء، وعندها حكماً ستكون أمام مشكلة ماليّة حقيقيّة وبالتالي فإنّ الوضع حتماً سينفجر”.
إذا، الحكومة حتماً في مأزق كبير إذ أرخت بثقل الضرائب على كاهل المواطن وهو أصلاً لا يتقاضى حقوقه وما يكفي لسداد مستحقاته، فهل تذهب أبعد الى قطع رؤوس المواطنين وتفرض الجباية بعملة خضراء لا يتقاضاها الا القلّة القليلة من المواطنين؟!.