جولةٌ على محطات المحروقات في لبنان كفيلة بأن تظهر ان المشكلة لم تعد بتأخر فتح الاعتمادات، بل بتوقفها. “ما عم بيسلمونا” عبارة تتكرر “ببغائياً” على لسان أغلبية أصحاب المحطات وعمالها. وبغض النظر عن النسب التي تحتويها خزانات المحطات المُضربة عن تزويد المواطنين بهذه المادة الحيوية، فان حقيقة المماطلة بفتح الاعتمادات للشركات المستوردة تمهيداً لرفع الدعم أصبحت واقعاً ملموساً. “هذه الفترة بين وقف الدعم والاعلان عنه صراحة قد تكون الأصعب”، بحسب مصدر نفطي.
“كل بحسب حجمه وامكانياته يحاول تحصيل أكبر قدر ممكن من المكاسب”. المواطن يحاول ان يخزن أكبر كمية ممكنة من المازوت وحتى البنزين تحسباً لانقطاعهما أو ارتفاع سعريهما. والمحطات تحاول عدم تنشيف خزاناتها املاً بارتفاع الاسعار وتحقيق بعض الارباح، فيما الشركات تحجم عن التسليم بانتظار جلاء الموقف ورسو قرار رفع الدعم على بر النسبة النهائية. وبينهم كلهم يستمر المهربون بشهادات حية بتهريب المازوت والبنزين إلى سوريا للاستفادة من فرق الاسعار، والذي قد يصل اليوم في صفيحة البنزين وحدها إلى 120 الف ليرة أو أكثر.
وبحسب المصدر فان “رفع الدعم سيرفع الاسعار حتماً، إنما سينهي أزمة نقص المشتقات النفطية في الاسواق، والاهم انه سيوقف نزف احتياطي العملات الاجنبية من مصرف لبنان”. وبحسب آخر الأرقام الصادرة عن المصرف المركزي، فان احتياطي العملات الأجنبية ينخفض بوتيرة 614 مليون دولار شهرياً منذ بداية العام. هذا الاستنزاف أوصل “الاحتياطيات المتاحة” إلى حوالى 19.5 مليار دولار، ولم يعد يفصل عن الاحتياطيات الالزامية التي لن يتمكن مصرف لبنان من الوصول إليها لتمويل التجارة أو دعم سعر صرف الليرة إلا 2 مليار دولار. مبلغ قد يبدو كبيراً، إلا انه من الممكن ان يسقط في شهر واحد كما حدث في تموز حين تراجع الاحتياطي بقيمة 2.3 مليار دولار.