دولار السوق، ولولار المصــارف… «كل شي تغيّر»

في خلال الايام التي سبقت ولادة الحكومة الميقاتية، كان الاهتمام منصّباً على مسألة التعميم 151 لجهة تعديل سعر سحب الدولار من المصارف (لولار) ورفعه (3900 ليرة). وكانت الأجواء توحي بأنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة متجاوب مع المبدأ، لكنه ينتظر الدراسات والنقاشات داخل المجلس المركزي لمعرفة السعر الجديد الذي ينبغي اعتماده. وفي حينه، كان يتمّ بث اجواء توحي بأنّ السعر الجديد سيكون حوالى الـ6 آلاف ليرة، بحيث يصبح الهيركات على المودع المضطر الى سحب لولاراته حوالى 65% بدلاً من 85%، كما كان الحال عندما كان سعر الدولار قد تجاوز الـ20 الف ليرة.

في هذه الأثناء، لم يكن سلامة يتريث فقط بانتظار إنجاز دراسات تأثير رفع السعر، بحثاً عن الرقم الأفضل الذي ينبغي اعتماده، بل كان ينتظر ضمناً، التطورات السياسية المتعلقة بتشكيل الحكومة. وكان يقول لمن حوله، انّه إذا تشكّلت الحكومة، وساد مناخ ايجابي يمكن للدولار ان يهبط الى مستويات قياسية حول مستوى الـ12 الف ليرة. وانّه في هذه الحالة لا حاجة الى تعديل سعر السحب، لأنّ نسبة الهيركات المستهدفة برفع السعر الى 6 آلاف ليرة، ستتحقق مع دولار بـ12 الف ليرة في السوق الحرة.

والسؤال هنا، لم يعد يتعلق بسعر السحب، بل بما كان يتوقعه حاكم المركزي لسعر الدولار. هل هذا يعني انّ الدولار قد يهبط في الايام المقبلة ليصل الى الرقم الذي توقعه سلامة (12 الف ليرة)، ام انّه استقرّ على سعره الحالي بين 14 و15 الف ليرة؟ ويكون حاكم المركزي قد أصاب بتوقعاته جزئياً، لأنّ هامش الخطأ بنسبة 10 الى 15% مسموح في سوق مالي فوضوي وغير مُراقب، من حيث المبدأ؟

والسؤال الآخر، هل توقعات حاكم المركزي مبنية على تقديرات يملكها من موقعه، ام انّ لمصرف لبنان قدرة على إحداث تغييرات في السوق، ولو ظرفياً لفترة محدّدة، قبل ترك السوق يحدّد السعر وفق العرض والطلب؟

الحقيقتان اللتان يمكن الجزم بهما حالياً، هما:

اولاً- انّ تعديل سعر سحب اللولار صار مستبعداً، وقد لا يكون دقيقاً انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي طلب من سلامة الإبقاء على سعر السحب كما هو، بل العكس قد يكون صحيحاً.

ثانياً- انّ هبوط الدولار في السوق الحرة منذ اعلان ولادة الحكومة، لا يتمّ بناء على العرض والطلب وفق المفهوم الطبيعي، بل على اساس العرض الجماعي فقط، من قِبل المواطنين، والطلب الأحادي من قِبل الصرّافين. وكلما زاد العرض، كلما كان الشاري (الصراف لمصلحة زبائن كبار مكتومي القيد) يعرض سعراً أقل!

مع كل هذه الملاحظات والوقائع والمعلومات، قد ينجح البعض في التكهّن بالمسار الذي سيسلكه سعر الدولار في مرحلة الاشهر المقبلة.

مصدرجريدة الجمهورية - أنطوان فرح
المادة السابقةترشيشي: أسعار الخضار والفواكه ستتراجع مع بدء توزيع المازوت الإيراني للمزارعين بالسعر الرخيص
المقالة القادمةسعر البنزين سيرتفع وفق الآتي