دولار الـ15 ألفاً محسوم.. والانعكاسات هزيلة

في الأول من شباط يبدأ اعتماد سعر الـ15 الف ليرة كسعرٍ رسمي للدولار مقابل الليرة. وهناك مجموعة من الاسئلة في شأن تداعيات ومفاعيل هذه الخطوة، وكيفية انعكاسها على أوضاع الناس والمؤسسات.

كما جرت العادة، وفي كل الملفات والقضايا المطروحة امام الرأي العام، يتمّ التشكيك دائماً، في الحيثيات والاهداف والوقائع. في موضوع تغيير سعر الصرف الرسمي من 1507 ليرات الى 15 الف ليرة، لم يختلف الامر، وهناك تساؤلات واجتهادات كثيرة، يتمحور بعضها حول التشكيك في ان مصرف لبنان سيتخذ هذا القرار بالفعل. ويستند المشككون في كلامهم على ان هذا الامر لا يعدو كونه مجرد تصريح اعلامي أدلى به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقد تكون له أهداف ووظائف نفسية، وان الوعد قد لا يتحوّل الى قرار في الاول من شباط.

هذا التشكيك ليس في موقعه، والمعلومات تشير الى ان سلامة سيعلن قرار البدء في اعتماد السعر الجديد للدولار مقابل الليرة في الايام القليلة المقبلة. وسبق لسلامة أن أبلغ الجهات المعنية، والتي قد يؤثر عليها تغيير سعر الصرف الرسمي، ان الموضوع محسوم، والانتقال الى السعر الجديد سيتمّ كما هو مقرّر في الاول من شباط.

لا تبدو التداعيات المباشرة على المواطنين مؤثرة كثيراً، لا سلباً ولا ايجاباً. بالنسبة الى القروض المصرفية الدولارية التي كان يتمّ تسديدها بالليرة على سعر 1507، سيتم استثناء القروض السكنية لدواعٍ اجتماعية. اما القروض الشخصية، فإنها سُدّدت في غالبيتها بعد مرور اكثر من 3 سنوات على بداية الأزمة. اذ ان غالبية استحقاقات هذا النوع من القروض تكون متوسطة الأجل.

أما بالنسبة الى التداعيات التي يعتبرها البعض ايجابية، والمرتبطة بسعر سحب الودائع، فإنها تنقسم الى قسمين: ما يتعلق منها بالتعميم 158، وما يرتبط بسحب الودائع الدولارية بالليرة. في الجزئية الاولى، سوف يتغيّر سعر السحب من 12 الف ليرة للدولار، الى 15 الف ليرة. وفي الجزئية الثانية سيرتفع سعر السحب من 8 آلاف الى 15 الف ليرة ايضا.

وفي هذا السياق، ان المستفيدين من التعميم 158 لن يحققوا اية فوائد على اعتبار ان قرار رفع سعر الصرف اتُخذ حين كان سعر الدولار حوالى 39 الف ليرة. بما يعني ان الهيركات كانت نسبته في 21 تشرين الثاني 2022 عندما كشفَ سلامة عن قرار رفع سعر الصرف الرسمي الى 15 الف ليرة، حوالى 70%.. اليوم، واذا احتسبنا السعر الحالي للدولار (حوالى 50 الف ليرة) يتبيّن ان نسبة الهيركات ستكون حوالى 70%. ايضاً.

ولكن اذا احتسبنا الدولار على 60 الف ليرة، وهو الرقم الذي قد يبلغه من الآن وحتى الاول من شباط في حال استمر بالارتفاع وفق الوتيرة الحالية، فهذا يعني ان الهيركات سيرتفع الى 75%. وبذلك، يكون المودع قد خسر ولم يربح جرّاء رفع سعر السحب.

بالنسبة الى السحب على 8 آلاف ليرة، فإنّ نسبة الهيركات بلغت في 21 تشرين الثاني الماضي حوالى 80%.، في حين انها ستتراجع الى حوالى 73%. في 1 شباط اذا كان سعر الدولار 50 الف ليرة. أما اذا ارتفع الى 60 الفا، فإنّ الهيركات سيرتفع الى 75%..

ومع احتساب ان الدولار، ومن حيث المبدأ سيستمر في الارتفاع في الاسابيع القليلة المقبلة، فهذا يعني ان المودع لن يستفيد عملياً من قرار رفع سعر الصرف الرسمي للدولار. بل انه سيحتاج عمّا قريب الى تعديلات اضافية لجهة رفع سعر السحب، ليحافظ على خسائره وفق معدلاتها القائمة حالياً.

أما بالنسبة الى المؤسسات، لا سيما الكبيرة منها، فسوف تتأثر قيودها المحاسبية بهذا التغيير، وستنخفض قيمة الرساميل المحتسبة على سعر 1507 بواقع 10 أضعاف. هذا الامر سيضع المزيد من الضغوطات على هذه المؤسسات التي ستصبح ملاءتها ضعيفة، وعليها ان تعيد رسملة نفسها بنسب معينة للمحافظة على المعايير المطلوبة. لكن المعطيات المتوفرة تشير الى ان سعر الـ15 الف ليرة، وبعدما وصل سعر الدولار الى 50 الف ليرة وقد يرتفع اكثر في الايام القليلة المقبلة، سيُساعد المؤسسات على سدّ الفجوة الناتجة عن تغيير سعر الصرف، بأقل قدر ممكن من الاضرار، لضمان استمرارية هذه المؤسسات، بانتظار الحل الشامل.

مصدرالجمهورية - أنطوان فرح
المادة السابقةلبنان من أفضل 5 بلدان سجّلت تقدّماً على صعيد الطاقة المتجدّدة
المقالة القادمةنقابة المستشفيات: إذا لم يؤمن لنا مصرف لبنان 200 مليار ليرة شهريًا فسيضطر المرضى لشراء أدويتهم على نفقتهم