دولار 2022 الرسمي: بين 3 و6 آلاف ليرة

يبدو أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتجه مطلع بعد الأعياد أو ربّما في الأشهر الأولى من السنة الجديدة، إلى رفع سعر الصرف الرسمي للدولار من 1500 إلى 6000 ليرة. هذا القرار لا يلبّي مطلب صندوق النقد الدولي توحيد سعر الصرف، لكنّه في نظر سلامة يقرّب الأسعار من بعضها البعض، وربّما يجمعها مستقبلاً، قريباً من “كلمة سواء”.

التقديرات الأولية تشير إلى أنّ الرقم الجديد سيكون قرابة 6000 ليرة لبنانية، في حين تذهب تقديرات بعض المراقبين أبعد من ذلك، فتعتبر أنّ الرقم ستحدّده التطورات السياسية المقبلة، وسيكون مربوطاً بشكل وثيق:
– أولاً، بعودة الحكومة إلى الاجتماع.

– ثانياً، بانطلاق المفاوضات رسمياً مع صندوق النقد الدولي.

في هاتين الحالتين سيمسي تحديد الرقم الجديد أمراً سهلاً مهما كان، وبالتالي لا يمنع من أن يكون 6 أو حتى 8 آلاف ليرة، طالما أنّ هذا الرقم هو الرقم الرسمي الأدنى من بين الأرقام الثلاث التي يتبنّاها سلامة، وهو ثلث تسعيرة منصّته: “صيرفة” (الأرقام الثلاث هي: تسعيرة 8 آلاف ليرة للتعميم 601، وتسعيرة 12 ألفاً للتعميم 158، وتسعيرة 22 ألفاً لمنصّة “صيرفة”).

أوساط مصرف لبنان تكشف لـ”أساس” أنّ “رفع سعر الدولار المصرفي إلى 8 آلاف ليرة بموجب التعميم 601 يؤكد أنّ ثمّة تعديل لسعر الصرف سيبصر النور قريباً”، خصوصاً بعد تقبّل اللبنانيين لمضمون التعميم المذكور وموافقتهم الضمنية على رقم 8 آلاف ليرة للدولار المصرفي الواحد، ما يعني أيضاً أنّ التعميم كان بمثابة جسّ نبض بين الناس.

هذه الأوساط تعتبر أنّ لا قرار واضح حتى اللحظة بما يخصّ تحديد الرقم الرسمي الجديد، ولو أنّها ميالة لاعتبار رقم مثل 8 آلاف ليرة صعب على الناس تحمّله، خصوصاً في حال لم يستثنِ قروضَ الدولار لدى المصارف، وبالتحديد القروض السكنية التي تبلغ قيمتها بحسب أرقام “المركزي” نحو 15 مليار دولار (القروض باللبناني وبالدولار). وبالتالي فإن رفع السعر الرسمي إلى هذا الحدّ “سيتسبب بأزمة عقارية مع اعتراض المقترضين وتوقفهم عن الدفع”. وهذا بدوره قد يؤثر على أرقام الخسائر التي توصّلت إليها الحكومة مع المصارف والمصرف المركزي، لكنّها في المقابل ترجح أن يكون الرقم الجديد “المبدئي” (مع التشديد على مصطلح مبدئي) نحو 3000 ليرة لبنانية.

وقد يكون هذا الرقم مجرّد انطلاقة في مسير توحيد أسعار الصرف، إذ لا يُستبعد أن يحصل ذلك على “جرعات”، من خلال رفعه تدريجياً: في المرة الأولى 3 آلاف، ثم بعد ذلك إلى 6 آلاف وصولاً إلى سقوف أخرى، بحسب المقتضى، قد تقترب من 10 آلاف ليرة أو أكثر. ولا يُستبعد أن تُستبقى هذه الخطوة، بقرار يسمح بدفع القروض السكنية وتلك الشخصية المتبقية “دُفعة واحدة”، لفتح المجال أمام من هو قادر على تسديدها، قبل زيادة سعر الصرف.

المعلومات المستقاة من أوساط مصرف لبنان تكشف أيضاً أنّ “المركزي” ما عاد قادراً على امتصاص الليرات اللبنانية أكثر مما يفعل حالياً، لأنّ خفض الكتلة النقدية إلى أقلّ من الموجود في السوق اليوم “سيتسبب بأزمة سيولة حادّة قد تُكبّل الاقتصاد وتشلّه”، ومن هنا على ما يبدو، جاء ابتكار التعميم 161 الذي قام على فكرة خلق “عرض مصطنع” على الدولار من خلال دفع المستحقات من ودائع “اللولار” ورواتب الموظفين بالدولار الأميركي بدل الليرة، من أجل تجنّب زيادة الكتلة النقدية باللبناني قدر المستطاع.

في المحصّلة، يمكن القول إنّنا أمام مفترق جديد مطلع السنة الجديدة، ربّما لا يلبي تطلعات صندوق النقد كاملة، لكنّه في المقابل سيضع حتماً على كاهل المواطنين المزيد من الأعباء، لأنه سيرفع بشكل مؤكّد، أسعار نحو 90% من السلع. بدءاً من “حبة العلكة” ووصولاً إلى التلفزيون أو الفرن أو البراد أو السيارة والإنترنت… طالما أنّ هذه السلع كلّها مستوردة من الخارج، وطالما أنّ الرسموم الجماركية والضريبة على القيمة المضافة ستُحتسب بموجب الرقم الرسمي الجديد.

مصدرأساس ميديا - ععماد الشدياق
المادة السابقةمنصة صيرفة… هدف واضح لنتائج غامضة
المقالة القادمةوزير الاقتصاد نقل للرئيس عون الحركة الإيجابية بموضوع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي