نجح مصرف لبنان باختبار قدرة السوق على التأقلم مع سعر 89500 ليرة للدولار. فقد أعلن رسمياً رفع سعر صرف الدولار المعمول به على منصة صيرفة من 85500 ليرة إلى 89500 ليرة لبنانية دفعة واحدة. خبر كهذا لما كان سيمرّ مرور الكرام لو وقع خلال الأشهر الماضية. ففي حينه كان سيُحدث خبر ارتفاع سعر دولار منصة صيرفة 500 ليرة زوبعة في السوق، التي كانت ترزح تحت وطأة المضاربات.
بالأمس أعلن مصرف لبنان رسمياً رفع سعر دولار صيرفة إلى مستوى دولار السوق السوداء. فأحدث ذلك بلبلة على نطاق ضيق بين الصرافين والمواطنين وعموم الأسواق على مدى ساعات قليلة فقط. لكن الإعلان لم يدفع بسعر الدولار إلى التحرّك إن صعوداً أو هبوطاً سوى بنسبة طفيفة جداً تكاد لا تُلاحظ.
تمهيداً لبلومبرغ
قرار مصرف لبنان رفع سعر منصة صيرفة مرّ بسلام، على الرغم من أن رفع الدولار بقيمة 4000 ليرة دفعة واحدة كان أمراً مقلقاً، على ما يقول مصدر من مصرف لبنان. وكان القرار يمثّل تحضيراً لقراءة السوق السوداء سعر الدولار الموحد المرتقب اعتماده لاحقاً، بعد إطلاق منصة بلومبرغ.
وعما إذا كان إطلاق منصة بلومبرغ بات قريباً، يؤكد المصدر أن إطلاق المنصة مرهون من حيث المبدأ بإصدار مجلس النواب القوانين المرتبطة بالودائع والمصارف، لاسيما قانون الكابيتال كونترول، الذي من شأنه أن ينظم عمليات سحب الدولارات من الودائع والعلاقة بين المودعين والمصارف. لافتاً إلى أنه في حال التأخر بإصدار القوانين المطلوبة، فإن المجلس المركزي لمصرف لبنان سيطلق منصة بلومبرغ رسمياً في الأول من شهر شباط. وهذا أمر مرتبط أيضاً بتوحيد سعر الصرف، خصوصاً بعد عملية التمهيد للسوق.
وبالنظر إلى أن مشروع قانون الكابيتال كونترول أعيد إلى اللجان النيابية ولم يتم البت به في الهيئة العامة لمجلس النواب، وأمهل رئيس المجلس شهرين للبت به، بات مرجّحاً إطلاق منصة بلومبرغ من قبل مصرف لبنان مطلع شباط المقبل، وعدم انتظار القانون المذكور، حسب ما يتوقع المصدر.
وإذ يربط المصدر بين انطلاق منصة بلومبرغ والتعميم 151 أيضاً “فالمنصة يجب أن يتلازم إطلاقها مع توحيد تام لسعر صرف الدولار، حيث يُلغى سعر اللولار أو الدولار المصرفي المعتمد حالياً من قبل المصارف بموجب التعميم 151 أي الـ15000 ليرة للدولار الواحد”، يذكّر بأن إلغاء سعر 15000 ليرة واعتماد سعر السوق للسحب من الودائع مرهون بإقرار مجلس النواب للموازنة العامة للعام 2024 على سعر الدولار الفعلي الموحّد. ويذكّر بأن مفعول التعميم 151 ينتهي مع نهاية العام الجاري، ومن غير المتوقع أن يعمل مصرف لبنان على التمديد له على السعر الحالي للولار. ما يعني أن سعر دولار الـ15000 ليرة سينتهي بعد أيام، لكن ذلك يأخذنا إلى إشكالية “كيف سيتم سحب الدولارات من الودائع ووفق أي سعر صرف؟”.
دولار الرواتب والفواتير
عندما علّق مصرف لبنان العمل بمنصة صيرفة، بعدما استلم حاكم المصرف المركزي بالانابة وسيم منصوري مهامه مطلع آب الماضي، في سبيل وقف نزف الدولارات من احتياطات مصرف لبنان، أبقى حينها على دولار منصة صيرفة لصرف رواتب القطاع العام بالدولار واعتماد المنصة في تحصيل فواتير الخدمات العامة المدولرة.
ونظراً إلى أن مصرف لبنان رفع بالأمس سعر دولار منصة صيرفة من 85500 ليرة إلى 89500 ليرة، فإن السعر الجديد والموحد مع السوق السوداء، سينسحب تلقائياً على فواتير الكهرباء والاتصالات. وقد لمس مواطنون فارق أسعار شرائح وباقات الخطوط الخليوية مسبقة الدفع وارتفاعها خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. ومن المتوقع أن يلمس المواطنون كذلك الفارق في فواتير الكهرباء في الأشهر المقبلة، نتيجة ارتفاع سعر دولار منصة صيرفة.
أما رواتب موظفي القطاع العام فهي الأخرى سيتم صرفها خلال الأشهر المقبلة على أساس دولار صيرفة الجديد، وهو سعر السوق 89500 ليرة. الأمر الذي يطيح بالفارق بين سعري صيرفة والسوق السوداء. أما رواتب الشهر الجاري (كانون الأول) فسيتم صرفها على أساس دولار منصة صيرفة السابق 85500 استثنائياً ولمرة أخيرة، على ما يؤكد المصدر، “فالبنك المركزي سيستمر بضخ الدولار في السوق عبر رواتب موظفي القطاع العام، بهدف الاستمرار في ضبط الليرة ولجم تراكم التضخم”.