“دولة فاشلة”.. لبنان بين البلدان الـ 34 الأكثر فشلًا في العالم!

جاء في دراسة أعدّها المرصد، وهو مبادرة بحثية تهدف الى دراسة تداعيات الازمات المتعددة في لبنان وطرق مقاربتها:

“يتعثَّر لبنان أكثر فأكثر في انهياراته بعد عامٍ ونيفٍ من التقهقر في القطاعات كافَّةً وفي معظم نواحي حياة الناس. وما تقوله المؤشرات في ما يعني الانكماش الاقتصادي الكبير والكساد العظيم وهوان الخدمات العامة يختبره اللبنانيون في يومياتهم من صعوبة الحصول على السلع الأساسية، كالوقود والدواء، وكذلك من مشقة الوصول إلى الخدمات المُلحَّة كالصحة والطبابة، وتفاقم كل ذلك مع خسارة قيمة مدخراتهم. ولبنان وان كان في قلب الأزمة، إلَّا أنَّه لم يصل بعد إلى عصفها الأقصى.

وبالنظر إلى مؤشر الدول الفاشلة -الذي يصدره الصندوق العالمي من أجل السلام- يبرز تراجع لبنان 6 مراكز في الترتيب العالمي بين عامي 2020 و2021، حيث بلغ تراجعه خلال خمس سنوات 36 مركزًا ليصبح ترتيبه في عام 2021 بين الـ 34 دولة الأكثر فشلًا من أصل 179 دولة يشملها التصنيف (تحتل اليمن أعلى تصنيف بين الدول الفاشلة، فيما تُعدُّ فنلندا بينها الأقل فشلًا). بذلك ينضم لبنان إلى الدول العربية والدول النامية المعرَّضة للتفكُّك بسبب الحروب والصراعات الحادَّة -كاليمن والصومال وسوريا وليبيا والعراق وتشاد وأفغانستان والكونغو- أو تلك التي تعاني أزمات اقتصادية عميقة وأزمات حكم شديدة، كفنزويلا وزيمبابوي وباكستان وكوريا الشمالية. إذن، بتنا في نادي الدول الآيلة إلى السقوط.

يضطلع التأزُّم السياسي بالدور الاكبر في استمرار الانهيارات بعد مرور أكثر من عام ونصف على حدوث الانهيار الكبير. فالطبقة السياسية ما زالت تتعاطى في جميع الملفَّات المعيشية والحياتية من منظار حساباتها ومصالحها الضيقة. على أنَّ الإدارة السيئة تُعمِّق الأزمة أكثر، ذلك أنَّ إحجام الحكومة الحالية وانكفاءها عن اتِّخاذ قراراتٍ وإجراءاتٍ استباقية فاقَمَ وطأة الانهيار.

ما العمل؟
أولًا : الشروع في مفاوضات جدِّية وسريعة مع “البنك الدولي” -مع مصادقة مجلس النواب على ذلك- بغرض إعادة هيكلة محفظة قروض لبنان وتوزيعها، وهي التي تُقدَّر بنحو مليار دولار، لتشمل القطاعات الأكثر احتياجًا خلال المرحلة الصعبة القادمة؛ ومن ذلك: دعم الأسر الفقيرة وبرامج الحماية الاجتماعية، وتعزيز دور القطاع العام في الخدمات الصحية والتعليمية.

ثانيًا : المباشرة برفع الدعم الحالي تدريجيًّا على مدى سنتين، تُخفَّف خلالهما حدَّة رفع الدعم على نحوٍ فوضوي وغير منظم -كما يحصل حاليًّا- مع إبقاء الدعم على القمح ودعم المازوت وأدوية الأمراض المستعصية بشكلٍ جزئي.

ثالثًا : البدء الفوري بتنفيذ الاتفاقية الموقَّعة مع “البنك الدولي” لتمويل برنامج شبكات الأمان الاجتماعية، وتسريع إقرار المجلس النيابي مشروع قانون البطاقة التمويلية المقدَّم من حكومة تصريف الأعمال.

رابعًا : العمل الجدِّي على خطَّة متكاملة للتعافي للعشر سنوات القادمة، تُوقِفُ الانهيار وتحدُّ من خسائره وتؤسِّس لعملية النهوض. ومن بالغ الأهمية هنا طرح طرق إعادة تكوين قطاعات أساسية في الدولة والمجتمع والاقتصاد –كقطاعات الصحة والتعليم والنقل والطاقة- بالإضافة إلى القطاع المصرفي ونظام التنافسية، ووضع وسائل وطرق إعادة إنشاء القطاعات المذكورة، خلال العقد القادم، وتمويلها وتنظيمها.

لعلَّه لا بدَّ بدايةً من رفع “العجز” في إدارة الأزمة بوصف ذلك ممرًّا إلزاميًّا لتخفيف حدَّة الانهيار، والانخراط في مسار التعافي. وأكثر ما يُخشى منه هو “الإزمان”، أي الإقامة طويلًا في مصاف الدول الفاشلة التي لم تنجح في الخروج من منزلة الفشل منذ عقود، حيث يغذِّي تفكك مؤسساتها الانحلال المستمر والبقاء في حلقة مفرغة سنواتٍ طويلةً. ما علينا إلَّا النظر حولنا لإدراك الخطر المحدق”.

مصدرليبانون فايلز
المادة السابقةمشروع الـ”كابيتال كونترول” يفقد زخمه
المقالة القادمةتصفية عامة على الأموال بداعي الاقفــال