شكا رئيس نقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء المهندس مارون الحلو من عدم وجود طلب على الشقق الحديثة، فيما السوق اليوم تضمّ شققاً مبنية منذ خمس سنوات لم يتمّ بيعها لغاية الآن، كاشفاً عن عدم وجود أي رغبة لدى المتمولين لإطلاق مشاريع عقارية خلال العام الحالي.
واعتبر في بيان، تعليقاً على احصاءات نقابة المهندسين حول مساحات البناء المرخصة، أنه “لا يمكن التعويل على ارتفاع مساحات البناء المرخصة شهرياً لأنها لا ترتبط بأي عامل إقتصادي أو إنمائي، فالفروقات المسجّلة بين الأشهر تعود الى سعي أصحاب العلاقة الى إستباق رفع نسب الرسوم والضرائب أو بسبب التأخر في تنفيذ المعاملات العقارية أو لإقفال الدوائر العقارية على خلفية التوقيفات التي حصلت، ولهذا لا يمكن الأخذ بالمعدّل الشهري لمعاملات البناء على عكس المعدّل السنوي لتقييم طبيعة حركة القطاع”.
ولفت الحلو الى أن “إحصاءات النقابة أظهرت ارتفاع مساحات البناء المرخَّصة في لبنان خلال ايار من العام 2023 إلى 393،303 أمتار مربّعة مقابِل 203،773 أمتار مربّعة في الشهر الذي سبقه”، مشيراً في الوقت نفسه الى تراجع مساحات البناء المرخَّصة بنسبة 60.31% خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2023 إلى 1،695،720 متراً مربّعاً، مقارنةً بمستوى بلغ 4،272،817 متراً مربّعاً في الفترة نفسها من العام السابق.
وعزا الحلو هذا التّراجع خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2023 إلى الوضع العام في البلد بدءاً من غياب الاستقرار السياسيّ وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم انتظام عمل المؤسَّسات العامة، مع الأخذ في الاعتبار ما يحصل في الدوائر العقارية التي مضى على توقُّفها عن العمل أكثر من ستَّة أشهر وتحديداً في مناطق بعبدا، الشوف، عاليه، كسروان، جبيل والبترون.
وأشار إلى أنّه في “موازاة غياب الاستقرار السياسيّ، هناك الأزمة الماليّة بفعل وجود دورةٍ اقتصاديّة غير سليمة رغم الأموال النقديّة الفريش الّتي تدخلُ لبنان من خلال تحويلات أو مجيء المغتربين والسيّاح ويتّم صرفها في الحركة الاستهلاكية وليس للاستثمار، لأن المتموّل لا يوظف أمواله إلا متى توفر عنصر الاستقرار السياسي، فيما نحن لا نزال نفتقر الى هذا الأمر مضافاً إليه الأزمة النقدية والمالية والمصرفية وارتفاع كلفة مواد البناء، ما يفقد المستثمر القدرة على تحديد مصير استثماره الأمر الذي يضع المطورين العقاريين في أزمة غير واضحة المعالم”.
وكشف عن “عدم وجود طلب على الشقق الحديثة، فيما السوق اليوم فيها شقق مبنية منذ خمس سنوات لم يتمّ بيعها لغاية الآن بسبب فقدان القدرة الشرائيّة لدى الناس أو لعدم توافُر الأموال الفريش لديهم، لهذا، تتّجه السوق نحو الإيجارات السكنية وبالدولار، وهذا الوضع دفعَ اللبنانيين لنقل سكنهم إلى الأماكن القريبة من عملهم سعياً لتوفير كلفة النقل”.
واكد أن “كل هذه العوامل تؤكّد استمرار غياب أي استثمار جديد إن على صعيد شراء العقارات أو بيع الشقق رغم وجود عدد محدود من عمليّات الشراء من قبل اللبنانيين العاملين في الخارج لأنّ قيمتها تبقى ثابتةً بعدما واجهه المودعون مع المصارف أو لناحية التّلاعب في أسعار العملة الوطنية”.
وكشف عن “وجود جمود كلّيّ لأي تطوير عقاريّ خلال الأعوام الماضية ولاسيما 2021 و2022″، معتبراً أنّ “الأسوأ هو عدم وجود رغبة لدى المُتموّلين لإطلاق أي مشروع خلال العام الحالي”، موضحاً “أنّ أصحاب الرخص يسعون الى استباق زيادة الرسوم والضرائب، مع العلم أنّ القرى والبلدات النائية تشهد حركة بناءٍ إما من دون رخص أو برخصٍ صادرة عن البلديات وهذه لا يتصل وضعها بأي إنماء وازدهار”.
وقال الحلو: “لا يمكن تعميم الواقع الحالي على السنوات المقبلة لأن كل وقت يخضع لظروف وأوضاع خاصة به، لهذا أقول دوماً إنّ قطاع المقاولات والتطوير العقاريّ في أي أزمة هو أول قطاع تتوقف فيه الحركة وآخر القطاعات التي تستعيد نشاطها متى انتهت، والسبب حاجته الى استثمارات كبيرة ومصارف لتأمين السيولة وثقة بالبلد وتحسن القدرة الشرائية للناس، بالإضافة الى استقرار سياسي، فاليوم نجد قطاعات الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة ناشطة متجاوزة تداعيات الأزمة التي يواجهها لبنان على عكس قطاع المقاولات والتطوير العقاري”.
وشدد الحلو على ان “أولى الخطوات المطلوبة تأمين الاستقرار على الصعد كافة وخصوصاً على الصعيد السياسي والمالي والنقدي والثقة بالمصارف وانتظام عمل المؤسسات العامة، يليها عمل الدوائر العقارية اليومي والتنظيم المُدني”، متوقعاً “ألّا يشهد القطاع تحسناً إلا في حال تغير الأمور التي يرزح البلد تحت ثقلها”.