الكلفة الاستشفائية في لبنان باتت باهظة والكل يشكو من ارتفاعها حتى ان وزير الاقتصاد حاول إيجاد حل للأمر عبر اجتماع عقده بين المستشفيات والأطباء وشركات التأمين لكن النتيجة ما زالت تراوح مكانها فالمستشفيات تقول ان كلفة المعدات والاجهزة وغيرها عالية وهي تضطر الى رفع مستحقاتها كل مدة والأطباء أيضا يبشرون بانهم سيزيدون الفاتورة ١٠٠%مع مطلع السنة المقبلة وشركات التأمين بالنتيجة تضطر الى رفع قيمة البوليصة التي يتحمل دفعها مضطرا المؤمن.
وسط هذا التجاذب يقف المؤمن حائرا حول كيفية ما “يتبهدل” امام ابواب المستشفيات في ظل تقاعس المؤسسات الضامنة الاخرى عن القيام بواجباتها.
يقول رئيس جمعية شركات الضمان اسعد ميرزا :
في الأشهر السبعة الأولى من السنة منينا بخسارة كبيرة او كما يقال بالعربي الدارج “فتنا بالحيط” إذ ان اسعار المستشفيات والأطباء غير طبيعية والزيادة تتعدى ١٢٠% . أثناء الاجتماع الذي دعانا اليه وزير الاقتصاد استهل الكلام نقيب المستشفيات سليمان هارون الذي شدد على أن الزيادة لم تتجاوز ٦٥% ولم تصل إلى ١٠٠% .لقد تعجبت فعلا من كلامه. أما نقيب الأطباء فقد قال انه تم الاتفاق على زيادة ١٠٠%مع بداية السنة الجديدة لكنني سمعت ان الزيادة ستكون١٠٥% وربما ١١٠%. لقد عاد الأطباء من الخارج بعدما لمسوا أن كلفة المعيشة مرتفعة جدا بينما في لبنان يتقاضون اموالا أكثر وفي النهاية هم في بلدهم وليسوا في بلاد غريبة لها شروطها والتزاماتها . أن شركات التأمين لا تستطيع في ظل ذلك إلا أن ترفع اسعار بوالصها لأنها بالنتيجة تتكبد الخسائر . انا قلت للوزير انني احتاج الى علبة محارم كي امسح دموعي الغزيرة فقد ابكاني نقيب المستشفيات. اننا نعلم كم تبلغ كلفتنا نتيجة ارتفاع فواتير المستشفيات غير الطبيعية . ان النقيب هارون أيضا يدافع عن الأطباء بانهم احرار باسعارهم وقد اجبته: لماذا انت تدافع عن الأطباء فأنت نقيب المستشفيات وليس الأطباء. في خلاصة القول ان وضعنا اليوم غير جيد ولا توجد شركة تأمين واحده قد حققت ارباحا ما هذه السنة بسبب الكلفة الاستشفائية العالية. لقد كانت أرباح المحفظة الاستشفائية لدينا مليار و٧٠٠٠٠٠ دولار اما اليوم فهي لا تتجاوز ٩٠٠مليون دولار . لقد تراجع القطاع كثيرا وهبطت محفظة التأمين إلى ٩٠٠مليون . لا يوجد اليوم بوالص تأمين على الحياة والتأمين على السيارات تراجع أيضا إذ ان الناس لا مال لديها ومن كان يؤمن سيارته ضد الأخطار كلها بات اليوم يؤمنها ضد الغير . ان الناس لا مال لديها والمستشفيات لا ترحم أحدا ونحن كشركات تأمين لا نستطيع أن نخسر أيضا. أن الربح الفني ما عاد يحقق لنا أي ربح بعدما كنا نحقق ربحا جيدا فيه بالإضافة إلى فوائد اموالنا في المصارف. اليوم تغير حالنا ولم يعد يوجد شيء .
وعن الحل يقول ميرزا :
اننا مجبرون على زيادة سعر البوليصة . لكن المشكلة اننا كلما زدنا سعرنا زادت المستشفى أسعارها أكثر. لقد رأيت مثلا سعر ابرة لزبون في إحدى المستشفيات هي ١٠٠ دولار بينما سعرها في مستشفى آخر ٦٠٠ دولار . أيضا أحد المختبرات تقاضى من زبون عن فحص محدد ٣٥ دولارا بينما تقاضى مختبر المستشفى عن الفحص ذاته ١٠٠ دولار . لقد قال النقيب أن مختبر المستشفى فيه معدات اهم من المعدات الطبية الموجودة في المختبرات الأخرى. أن ما يحصل في المستشفيات أمر غير طبيعي ولا رقابة عليها . ان وزير الاقتصاد لا سلطة لديه عليها فهي تابعة لوزارة الصحة التي يجب أن تراقب ما يجري .أيضا بعض الأطباء يتقاضون من المؤمن فرق زيادة عما تدفعه شركة التأمين التي تدفع التعرفة المتفق عليها. ان كل هذه الأمور تحتاج إلى رقابة من وزارة الصحة.
وعن دور وزارة الصحة يقول ميرزا :
لقد راجعنا الوزارة . لكن لا نتيجة . في النهاية نحن لا نستطيع المتابعة على هذا الشكل. سنزيد على البوليصة ١٠% فقط إذ لا نستطيع أن نزيد أكثر من ذلك لأن البوليصة أصبحت غالية جدا والمؤمن لا يستطيع أن يتحمل أكثر. لقد غير قسم كبير من الميسورين درجة الاستشفاء من الأولى إلى الثانية او الثالثة . أما محدود الدخل فكيف سيدفع؟… اننا نقسط على ستة أشهر. أن البلد متعب والناس متعبة . ان شركات التأمين هي الوحيدة التي تدفع اليوم.
ماذا ستكون النتيجة برأيكم؟
لا أعرف. اننا كشركات تأمين نحاول أن نراقب أكثر الفواتير وان نضبطها أكثر .
لماذا لا يتم دمج بعض شركات التأمين؟
ان الفكرة هذه مطروحة منذ زمن طويل لكنها تحتاج إلى سن قانون جيد فكيف يحصل ذلك اليوم ولا وجود للدولة. أيضا ان ٩٠%من الشركات لا تقبل أن تندمج مع أخرى.
هل يوجد إقبال على التأمين حاليا؟
لقد تراجع كثيرا عن السابق حتى ان التأمين على السيارات قد تراجع عما كان قبل العام ٢٠١٩. لقد تدنت القدرة الماليه لدى الناس . كما أن نسبة الحوادث ارتفعت بشكل كبير . في شهر تموز وحده يوجد ٤٢ قتيلا و١٢٠جريحا . اننا بالنتيجة نحقق خسارة.
كيف تتعاملون مع المؤمنين في ظل ذلك؟
انهم يشتكون من ارتفاع سعر البوليصة لكننا اذا لم نرفع السعر فسنخسر. اننا شركات مالية ولا نريد أن نخسر بعدما خسرنا مالنا في المصارف. ان الوضع غير جيد واذا خسرنا سنخسر معيد التأمين رغم أن عددا كبيرا من المعيدين قد خرج من السوق اللبنانية فكيف سيصبح الحال اذا تم وضع لبنان على القائمة الرمادية، وكيف سنحول المال ؟ لن نستطيع فعل شيء يقال انه سيتم استثناء المصرف المركزي والمصارف الن يساعدكم ذلك؟ رغم ذلك ستتم المعاملات بغاية الصعوبة ولا ندري ماذا سيحدث بعد ذلك.
هل سيكون مصير الكلفة الاستشفائية اذا بقيت على ارتفاعها كمصير التأمين على الحياة؟
كلا لأن اللبناني بحاجة إليها. ان الناس اليوم تحاول تقليص تكاليفها بالتحول مثلا من الدرجة الأولى إلى الثانية او الثالثة وهي مجبرة على الابقاء عليها لأنه لا يوجد ضمان صحي اجتماعي او وزارة صحة او تعاونية تغطي هذه التكاليف . الناس اليوم تتجه اما إلى شركات التأمين او صناديق التعاضد .
الا يزال عدد المؤمنين لديكم كبيرا؟
كلا لقد تراجع العدد كثيرا . في العام ٢٠١٩ كان لدينا ٩٠٠٠٠٠ في التأمين الصحي اليوم لدينا ٥٠٠٠٠٠.