رفع أجرة السرفيس من ٢٠٠٠ الى ٣٠٠٠ ليرة الذي وصف بأنه «في صالح السائق والمواطن» ليس قرارا اقتصاديا لا في صالح السائق ولا في صالح المواطن.
فالسائقون الذين كانوا يشكون عن حق، ان تعرفة الـ ٢٠٠٠ ليرة لا تكفي لتغطية نفقات البنزين والزيت والصيانة وقطع الغيار، إضافة الى ما يدفعه البعض أجرة شهرية لصاحب السيارة، رحّبوا بالقرار فور صدوره. لكن ليكتشفوا خلال أقل من أسبوع، أن رفع التعرفة خفض عدد الركاب بأكثر من ٣٠% والزيادة التي باتوا يحصلون عليها باليد اليمنى يخسرون أكثر منها باليد اليسرى. والبعض منهم رغم قرار الزيادة، يقبل اضطرارا بالتعرفة السابقة متى رفض الراكب التعرفة الجديدة، حتى لا يخسروا الراكب ولا يجدوا بديلا عنه بسهولة في ظروف شح فيها المال وازدادت البطالة. وبعض الركاب ممن يضطرون الى «سرفيسين» اثنين للذهاب واثنين للإياب بالتعرفة الجديدة، ٤ × ٣٠٠٠ = ١٢٠٠٠ ليرة يوميا، تستهلك وحدها أكثر من ثلث الحد الأدنى للأجور، باتوا يضطرون اما للمشي بدل الدفع إذا كان مقر عملهم قريبا من سكنهم، أو التحول الى «الميني باص» أو الى متورسيكلات أو بيسكلاتات الـ Second Hand الرخيصة الثمن والمزعجة الصوت والمهددة بالموت والتي لوحظ أخيرا ازدياد انتشارها في الشوارع، ما يكثف «عجقة» السير ويلحق الضرر بالاقتصاد، ويرفع نفقات البنزين عل السائقين الذين خسروا بقرار زيادة التعرفة المرتجل اقتصاديا، أكثر من ثلث عدد الركاب، وازدادت عليهم الأعباء في أكثر ظروف لبنان قساوة اقتصاديا ومعيشيا وصحيا.
فما الحل؟
بدلا من قرار رفع أجرة السرفيس الى ٣٠٠٠ ليرة على أصحاب مداخيل الحد الأدنى والمتوسط، وخسارة السائق لثلث الركاب دون جدوى وزيادة عبء إضافي على الراكب، من الأفضل وضع تعرفة ثابتة مخفضة للتاكسي، تجتذب جزءا كبيرا من أصحاب السيارات الخصوصية من الطبقة الوسطى فما فوق من ذوي المداخيل المعتدلة أو المجزية الى سائقي «التاكسي العمومية»، على أن تحدد هذه التعرفة الثابتة المخفضة في شريحتين، أولا ضمن بيروت الصغرى وثانيا لغاية نهاية حدود بيروت الكبرى. وأما لباقي المناطق بموجب عدادات كما هو الحال في عديد بلدان العالم وبعض البلدان العربية، وبحيث يفضّل جزء كبير من أصحاب السيارات الخصوصية بفضل تعرفة التاكسي المخفضة، استخدام تاكسي السيارات العمومية بما يضاعف مداخيل السائقين وتنخفض نفقاتهم لا سيما ان اختفاء عدد كبير من السيارات الخصوصية من ازدحام السير سيخفض للسائقين فاتورة البنزين والصيانة وقطع الغيار. وهكذا تبقى تعرفة الـ ٢٠٠٠ ليرة على ما هو عليه الآن دون نقصان أي دون إضافة عبء جديد على الشريحة الكبرى من اللبنانيين لا سيما من ذوي الدخل المحدود أو الفقراء والمعوزين، وفي الوقت نفسه اجتذاب صاحب السيارة الخاصة الى «التاكسي العمومي» بإغرائه بالتعرفة المخفضة، بدلا من التعرفة العالية الآن التي اذا دفعها كما هي الآن ذهابا وإياباً قد تكلفه نصف راتبه ولذلك يفضل اقتصاديا ومعنويا استخدام سيارته الخاصة وقد يفضل التاكسي العمومي اذا كانت تعرفته مخفضة وفي ذلك مصلحة حقيقية للسائقين.