رفع الأجور بالمواربة.. وخزنة الدولة فارغة

يتمحور الخلاف حالياً، والذي من المفترض ان يُناقش في الاجتماع المقبل للجنة المؤشر يوم الاربعاء، حول مبدأ المساعدة الطارئة الشهرية التي حُدّدت بمليون و325 الف ليرة، حيث يطالب وزير العمل مصطفى بيرم بأن تكون مخصّصة لجميع الموظفين والعاملين الذين تقلّ رواتبهم عن 4 ملايين ليرة لبنانية، بينما يريد الاتحاد العمالي العام ان تطاول أصحاب الرواتب ما دون الـ5 ملايين ليرة، في حين تسعى الهيئات الاقتصادية منحها لمَن يتقاضى الحدّ الأدنى للأجور أي 675 ألف ليرة.

في هذا الاطار، أوضح الخبير الاقتصادي بيار الخوري لـ»الجمهورية»، انّ انعكاسات المساعدة الطارئة او تصحيح الاجور في القطاع العام أولاً، سلبية جدّا على التضخم، لأنّ الدولة تنفق من «خزنة فارغة»، أي انّها ستقوم بتمويل كلفة المساعدة من خلال زيادة العجز. ورغم انّ رفع بدل النقل والمِنح المدرسية وإعطاء مساعدة طارئة هي حق لا يمكن إنكاره للعامل، إلّا انّ لا يمكن لربّ عمل مفلس ان يمنحه إيّاه. «فكيف بالأحرى إذا كان ربّ العمل يملك القدرة على طباعة الاموال والتأثير سلباً ومن جديد على العامل، من خلال زيادة التضخم على المساعدة الطارئة التي منحها؟».

وذكّر الخوري بتجربة سلسلة الرتب والرواتب السابقة التي أدّت الى موجتين من التضخم، واحدة لدى إقرار السلسة واخرى عند دفعها. واشار الى انّ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لم يوصيا الحكومة بزيادة الاجور او إعطاء مساعدة اجتماعية، بل شدّدا على ضرورة إنشاء شبكة امان اجتماعي، «وهذا موضوع مختلف تماماً». واعتبر انّ ما تقوم به الطبقة الحاكمة حالياً، كونها في مأزق لا يمكّنها من زيادة الاجور ولا بالإبقاء على الرواتب الحالية مع تراجع القدرة الشرائية، هو «جرعة من التخدير» على مشارف الانتخابات، ستتحول حتماً لدى تطبيقها، الى تضخم.

اما بالنسبة للقطاع الخاص، اعتبر الخوري، انّ المؤسسات التي تملك الإمكانية على الاستمرار والصمود، قد توصلت مسبقاً الى تسويات مع عمالها، وزادت الرواتب. اما المؤسسات التي لا تملك القدرة والتي تعاني للصمود ولا تملك مكونات الاستمرار، لم يعد في إمكانها مواصلة اعمالها و»استعباد» موظفيها، «لأنّ المؤسسة التي ما زالت تسدّد رواتب لا تتعدّى مليوناً ونصف مليون ليرة او مليوني ليرة، تمارس نوعاً من «العبودية» على موظفيها، «والأجدى بها الإقفال». واشار الى انّ العمالة غير الرسمية في القطاع الخاص والتي لا تطالها القوانين، هي مشكلة اساسية، حيث كانت نسبة العمالة غير الرسمية قبل الأزمة مقدّرة بـ40%، وقد بلغت اليوم 60 %.

إعتبر رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي في بيان، انّ «اجتماع لجنة مؤشر تصحيح الاجور كان معلّباً، وجاء نتيجة توافق عُقد عند رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بين وزير العمل ورئيس الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام، على قاعدة تمرير المرحلة. وهذا الاجتماع الشكلي لم يخضع للمعايير والدراسات وفقاً لنسب التضخم وارتفاع الاسعار ومستوى غلاء المعيشة، كما غابت عنه الدراسات التي كان من المفترض ان تُعلن من اطراف الإنتاج حول الارقام المطلوبة لتصحيح الحدّ الأدنى للاجور، ليتمّ التوصل الى رقم مشترك يراعي القواعد والجوانب الخاصة بتصحيح الأجر، وبالمرحلة الاقتصادية والاجتماعية التي يمرّ فيها لبنان».

وقال: «ما سُمّي بمساعدة طارئة بدلاً من تصحيح الأجر، هو أمر مرفوض منا بالشكل والمضمون، وينطوي على مخالفة قانونية ويحمل في طياته انتقاصاً فاضحاً لحقوق الأجراء والعمال الذين ينتظرون، وبعد اكثر من 10 سنوات على آخر تصحيح، وبعد انهيار العملة الوطنية، تصحيحاً للاجور وليس مساعدة طارئة».

وقال: «نرفض أي مساعدة مالية تُعطى من اصحاب العمل للأجراء خارج مفهوم تصحيح الاجر، خصوصا انّ هذه المساعدة لن تدخل في احتساب التعويضات ولا في زيادات اشتراكات الضمان الاجتماعي الذي هو اليوم على شفير الافلاس جراء عدم التوازن المالي بين الاشتراكات والتقديمات الصحية، ولاسيما انّ المضمونين اصبحوا خارج التغطية الصحية بنسبة 70%، وهم يقومون بتغطية الفارق بين تسعيرة الضمان وفاتورة الاستشفاء او الطبابة».

واشار الى انّ «الارقام التي تمّ تداولها حول بدل النقل اليومي والمنح المدرسية مرفوضة ايضاً، لانّها لا تجافي الواقع، بحيث انّ بدل النقل اليومي يجب ان يكون بقيمة 100 الف ليرة وليس 60 الفاً كما هو مطروح، كما انّ المنح المدرسية يجب ان تكون بقيمة 5 ملايين ليرة على التلميذ او الطالب بحدّه الأدنى»، داعياً لجنة المؤشر الى «اعتماد القواعد والمعايير المحدّدة في احتساب تصحيح الاجور، والى إطلاق مؤشر غلاء معيشة حقيقي مهما كانت ارقامه. وعلى الأطراف الاتفاق على تنفيذه على مرحلتين او اكثر، بحسب الارقام التي سترد في التصحيح».

مصدرالجمهوربة - رنى سعرتي
المادة السابقةبعد القرار السعودي… حجم خسائر حظر الصادرات اللبنانية إلى الخليج بالأرقام
المقالة القادمةهل يريد أصحاب المصارف إعادة الثقة بالقطاع المصرفي أم لا؟