بعد أكثر من سنة على انفجار الأزمة الاقتصادية بدأ البحث الجدي برفع الدعم عن المواد والسلع الإستهلاكية. البداية بحسب ما يرشح من الإجتماعات المتخصصة التي تعقد في السراي الحكومي مع ممثلي القطاعات الاقتصادية ما زالت خجولة. التركيز في المرحلة الأولى خصص للسلة الغذائية التي ستنخفض قيمتها الشهرية من نحو 220 مليون دولار إلى حدود 100 مليون شهرياً. وسيقتطع من السلة، بحسب مدير عام وزارة الإقتصاد والتجارة محمود أبو حيدر، بعض السلع المصنفة فخمة أو غير الاساسية من دون أن يمَس بالامن الغذائي.
أما بالنسبة إلى الطريقة التي ستعتمد لترشيد دعم الأدوية التي تكلّف سنوياً بحدود 1.3 مليار دولار فما زالت ضبابية، والخيارات تتراوح بين دعم لائحة تشمل أنواعاً محددة من الأدوية، تصنّفها منظمة الصحة العالمية أساسية، أو دعم استيراد الدواء على أساس سعر صرف 3900، بدلاً من الطريقة السابقة التي كانت تقضي بتأمين مصرف لبنان 85 في المئة من دولار الاستيراد.
في المقابل تشير أوساط متابعة إلى ان “البحث الأساسي كان يجب أن يبدأ بترشيد أو حتى وقف الدعم عن المشتقات النفطية”. أولاً، لان فاتورته الأكبر وتصل إلى حدود 4 مليارات دولار سنوياً. وثانياً لان قسماً كبيراً من النفط المدعوم يهرّب إلى سوريا. وبحسب الأرقام فقد هرّب هذا العام نصف الكمية المدعومة من المازوت بقيمة فاقت 400 مليون دولار، في حين وصلت قيمة البنزين المدعوم المهرب إلى حدود 140 مليون دولار. أما بخصوص قدرة مصرف لبنان على الاستمرار في الدعم فان البحث يتركز على إمكانية تخفيض نسبة إحتياطي العملات الأجنبية إلى 12 في المئة وهو “قرار يحق للمجلس المركزي اتخاذه”، بحسب المحامي أنطوان مرعب. في المحصلة فان الدعم من “آخر دولارات المودعين” يفوت فرصة الأجيال الحالية والأجيال القادمة من إمكانية الحصول على ودائعهم المجمعة في المصارف، ويعرض الإقتصاد للإنكشاف أكثر أمام الأزمة المستفحلة.