رفع الدعم عن القطاع الزراعي: سقوط آخر أعمدة الإنتاج

في زحمة الخطابات الداعية إلى تحويل الاقتصاد اللبناني من الريع إلى الإنتاج، تأتي «التسريبة» من القصر الحكومي بأن نقاشاً يدور حالياً حول خيار رفع الدعم عن القطاع الزراعي، «ابتداء من مطلع الشهر المقبل»، على ما يقول رئيس تجمع المزارعين والفلاحين إبراهيم الترشيشي. ما عدا ذلك، لا يملك الترشيشي ولا المزارعون أي تفاصيل.

اليوم، تستعيد بعض الجهات الحديث عن ترشيد الدعم… من باب القطاع الزراعي، وهو ما دفع بتجمّع المزارعين إلى التحذير من مغبة الإقدام على رفع الدعم «لما يترتب على هذا الأمر من تداعيات كارثية على المزارعين والمستهلكين»، بحسب البيان الصادر عنهم الأسبوع الماضي. ولئن لا تأكيد ولا نفي من المعنيين حول مدى جدية هذه النقاشات، إلا أن ثمة مؤشرين بارزين إلى ذلك الاحتمال: الأول دعوة وزير الزراعة إلى عدم المسّ بالقطاع الزراعي لناحية رفع الدعم، وهي بمثابة اعتراف بطبيعة تلك النقاشات، والثاني «اتصال أحد مستشاري رئيس الحكومة الذي طمأن إلى موقف رئيس الحكومة لإبقاء الدعم، وإنما الأمر متروك لمجلس النواب الذي سيقرر هو ما ستكون عليه خطة الدعم»، على ما يشير الترشيشي.

بغض النظر عما سيكون عليه الترشيد وحصة القطاع الزراعي منه، ماذا يعني عملياً إخراج المستلزمات والمعدات الزراعية من عباءة الدعم؟ في هذا الشق بالذات، يورد مرتضى جملة «ارتدادات كارثية»، في مقدمها «تهديد الأمن الغذائي للمواطنين من باب ترك المزارعين لأراضيهم لكونهم لن يقبلوا بأن ينتجوا على أساس سعر صرفٍ محرر»، وهو ما ينعكس تالياً على المستهلكين.

ثمة حاجة ملحّة لتعديل آليات هذا الدعم. فرغم ضآلة المبلغ المرصود لقطاع الزراعة مقارنة بمبالغ قطاعات أخرى، إلا أن ذلك لا يلغي أن فكرة الدعم قائمة ولا تزال على دعم التجار والمزارعين الكبار، لا الصغار. وإن كانت وزارة الزراعة قد استدركت هذا الأمر أخيراً من خلال «غرفة عمليات الشكاوى»، إلا أن ذلك لا يحلّ المشكلة الأساس: تحكّم التجار والمستوردين وكبار المزارعين بتلك المعدات وأسعارها، وهو ما ينسحب تالياً على قطاعات أخرى تنسف اليوم فكرة الدعم القائمة حالياً. المطلوب هنا ليس إخراج القطاع الزراعي من الدعم، وإنما تعديل آليات هذا الدعم كي تصل إلى المزارعين جميعاً.

مصدرجريدة الأخبار - راجانا حمية
المادة السابقةمصرف لبنان يهدّد بالعتمة: لا دولارات للكهرباء
المقالة القادمةالسوبرماركت: أسبوعان لملء الرفوف!