رفع الدعم من دون شبكة أمان!

في العادة، ترسل الحكومة ــــ أيّ حكومة ــــ مشروع قانون الى مجلس النواب لمناقشته، ويحضر الجلسات البرلمانية الوزراء المختصون بهدف الدفاع عن مشروعهم وتفسيره. لكن هذا المبدأ الذي هو أقل ما يمكن أن تفعله حكومة حسان دياب بعد 7 أشهر على بدء إعداد مشروع قانون للبطاقة التمويلية، يغيب تماماً عن الجلسات المنعقدة وآخرها جلسة اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة المكلفة درس مشروع القانون الوارد بالمرسوم 7797 الرامي الى إقرار هذه البطاقة، وفتح اعتماد إضافي استثنائي لتمويلها، واقتراح قانون البطاقة الائتمانية التمويلية الإلكترونية. فما جرى يوم أمس هو غياب التناغم بين الوزراء الثلاثة: وزير المالية غازي وزني، ووزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية ووزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة. كل وزير كان يغرّد بشكل منفرد وتقديمه طروحات تناقض المشروع الأساسي وطروحات زميليه. باختصار، كان ثمة 3 سيناريوات أمس تمثّل 3 مشاريع مختلفة، مع نقطة التقاء واحدة هي أن هذه المشاريع كلها صادرة عن حكومة واحدة اسمها حكومة تصريف الأعمال.

وزير المالية ذهب أبعد من ذلك في نسف مشروع الحكومة، فكرّر مرة أخرى (سبق له أن تحدث عن عدم موافقته على القانون في عدة اجتماعات) أنه وفريقه لم يشاركوا في إعداد المشروع ولا كتبوا أيّ فقرة منه. وهكذا كرّت سبحة الخلافات في ما بينهم، واحد يشجع إقرار البطاقة بالدولار، وآخر يفضّلها بالليرة اللبنانية؛ واحد يدعم خيار الحكومة بنيل الأسر المستفيدة من برامج البنك الدولي والشؤون الاجتماعية، مبلغ البطاقة كاملاً، فيما زميله يتحفّظ على القبض من مصدرين، وبحسب المعلومات، فإن المجلس النيابي ليس بوارد الموافقة على مشروع البطاقة من دون إصدار الحكومة قراراً رسمياً بشأن رفع الدعم «لأن ذلك يقع ضمن مهامها ومسؤوليتها، والبرلمان غير مستعدّ لتحمّل تداعيات هذا الموضوع».

في المحصّلة، سيدفع المواطن ثمن لامسؤولية وفشل وإهمال الطبقة الحاكمة مع بدء رفع الدعم عن المواد الغذائية، وبشرى وزير الطاقة باقتراب رفع الدعم عن البنزين ما سيؤثر على لقمة العيش والتنقل والماء والكهرباء وكلّ السلع والخدمات. وسيُحمّل بالقوة، كما يحصل في الوقت الحالي، كرة النار التي سبّبتها السلطة، مع ما سيرافق ذلك من ارتفاع جنوني في أسعار المواد الأساسية وانهيار إضافي لليرة اللبنانية.

ما سبق ليس المشكلة الأساسية، طالما أن المجتمعين، بمن فيهم وزير الشؤون الاجتماعية، لا يمتلكون بيانات واضحة حول الأسر وفئاتها وعمدوا يوم أمس الى غربلة أفكارهم حول الآلية الأفضل لتحديد الأسر. هنا اقترح وزير الاقتصاد راوول نعمة البدء من الصفر طالما أن وزير الشؤون يقول إن عدد الأسر المتوفر في البيانات الخاصة بوزارته لا يتعدّى المئتَي ألف وبحاجة الى «فلترة». وفكرة نعمة تقوم على استحداث تطبيق مشابه لتطبيق التسجيل لنيل اللقاح، مع تحديد قائمة معلومات ضرورية لوضع البيانات، ولن تحتاج إلى فترة طويلة برأيه، علماً بأن موقف التيار الوطني الحر يقضي بوضع البطاقة بمتناول الجميع على اعتبار أن قسماً غير قليل لن يتقدّم للحصول عليها. وهذا الطرح سبق لحاكم مصرف لبنان أن اقترحه عند إثارة حكومة دياب بطاقة الدعم منذ مطلع العام الجاري.

مصدرجريدة الأخبار - رلى ابراهيم
المادة السابقةالاسمر التقى غجر: لبطاقة تمويلية دعما للموظفين وذوي الدخل المحدود
المقالة القادمةقرار «الشورى»: فرصة لإنهاء الاستنسابية في «الخلوي»؟