رفع الدولار الجمركي… الحكومة تعطي بيد وتأخذ بالاخرى!

نهاية شهر تموز الفائت في 28 منه تحديداً أصدرت الحكومة مراسيم إعطاء تعويضات وحوافز كبدل غلاء معيشة لموظفي القطاع العام، كما أقرت بدل نقل مؤقت بعد شهر ونصف من انطلاق إضرابهم، وشهد القطاع العام بمؤسساته تقهقراً لأكثر من سنة، بين مَن حضر الى عمله ومَن لم يحضر بحجة عدم قدرته على الوصول، الى ان فرض الشلل نفسه تدريجياً على كامل المؤسسات والمرافق الحيوية واوقفت الخدمات العامة قسراً وغرق البلد في مأزق كبير. والحديث عن تحوّل لبنان الى دولة مارقة بات علنيا، أما تحديد المسؤوليات حول التقصير والمساءلة عن الفساد المتراكم حتى انفجار المرفأ لا شك انه يعتبر من الرهانات الخاسرة حاليا، فالسلطة المتمثلة بالاحزاب المهيمنة تسير وفق شعار”عفا الله عما مضى” وهي اعتمدته طريقاً لديمومتها منذ ما بعد الحرب الاهلية الذي شرّع عودة زعماء الحرب الى تسلم مهام المرحلة الجديدة بعد اتفاق الطائف.

ماذا حصّل الموظفون من إضرابهم وما هو مصير 320 ألف موظف في القطاع العام في حال فشلت الحكومة في إرضائهم بعد تآكل قيمة رواتبهم بنسبة 2000%؟ بل، ما الذي ستفعله السلطات المعنية في مواجهة استمرار التعطيل نتيجة إضرابهم المحق؟ والى متى سيتغاضى المواطنون عن عرقلة تسيير حاجاتهم الملحة؟

مصادر اقتصادية بارزة تؤكد لـ “ليبانون فايلز” في هذا الاطار ان كل ما قام به المعنيون في معالجة هذا الملف لا يعدو كونه شراء للوقت، مع تسجيل تضخم هائل وتراجع كبير في مؤشر النمو العام رافقه ضخ العملة الوطنية وطباعة المزيد من الاوراق النقدية لمواجهة غلاء الاسعار، في حين ان الاتفاق مع صندوق النقد لا زال بعيد المنال لاسباب كثيرة منها عدم وجود قرار سياسي موحد والانشغال بالاستحقاق الرئاسي.

ورأت المصادر عينها ان ان جميع الاجراءات المتّخذة بانتظار تبدل الاحوال السياسية، الداخلية والخارجية هي غير مجدية، اما الاتجاه الى رفع الدولار الجمركي كحل لتسديد رواتب موظفي القطاع العام، ستكون انعكاساته اكثر ضرراً، خلال الفترة الراهنة، فالحكومة ستعطي بيد وتأخذ بالاخرى، بعد رفع اسعار المستوردات من خلال رفع التعرفة الجمركية على سلع صنفت على انها من الكماليات الا انها تدخل في صلب حياة اللبنانيين اليومية، كما ان قرار كهذا من شأنه ان يؤدي الى زيادة عمليات التهريب ودخول البضائع خلسة الى لبنان، فالتجار اعتادوا الربح دون عناء وكلفة، وسيفتشون عن سبل تدفيع المواطن ما يدفعونه اضعافا مضاعفة.

 

مصدرليبانون فايلز - هيلدا المعدراني
المادة السابقةهكذا يستغني لبنان عن مليارات صندوق النقد!
المقالة القادمةالفريش دولار يتغلغل داخل الاجهزة