رفع العقوبات عن سوريا: الانتعاش يظهر خلال 6 أشهر

جاء تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول رفع العقوبات عن سوريا بمثابة انتصار آخر للسوريين بعد إسقاطهم نظام بشار الأسد، فهو يفتح أوسع الأبواب أمام انتعاش البلد اقتصادياً ومعيشاً وخدمياً، كما يزيل التحديات التي تقف أمام إعادة هيكلة الشبكة المصرفية من خلال ربطها بالعالم الخارجي.

وأعلن ترامب امس الثلاثاء، رفع العقوبات عن سوريا، في خطوة كان يسعى إليها الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يعتزم لقاءه في الرياض. وقال ترامب خلال كلمة في العاصمة السعودية وسط التصفيق الحار: “سأصدر الأوامر برفع العقوبات عن سوريا من أجل توفير فرصة لهم” للنمو.

إيجابيات ومزايا
ويعدد الباحث ومدير منصة “اقتصادي” يونس الكريم، أبرز الانعكاسات الإيجابية لرفع العقوبات، ومن بينها زوال العوائق أمام قطر والسعودية لمساعدة السوريين في ظل الواقع المعيشي السيء، مع اكتساب مرونة في تدفق المساعدات الى سوريا.

ويضيف الكريم في حديث لـ”المدن”، أن تركيا يمكن أن تنتهز هذه الفرصة للمساهمة في إعادة هيكلة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية السورية وصياغة عقيدة عسكرية وطنية وتدريب وتسليح الجيش السوري الجديد.
كما تحفز هذه الخطوة رجال الأعمال الخليجيين على ضخ رساميل كبيرة والاستثمار في سوريا، ما سينشط الحركة الاقتصادية ويؤمن السيولة، خصوصاً في حال زوال العقوبات عن البنك المركزي بشكل فوري، ما يسمح بتدفق المنح والهبات وتفعيل التجارة.

ويرى الكريم أن أهم انعكاس إيجابي على المدى القصير، هو استمرار قطر بدفع الرواتب الموظفين كما تعهدت سابقاً، فضلاً عن أن الخارجية السورية تصبح قادرة على تنشيط البعثات الدبلوماسية وإعادة بناء علاقات اقتصادية تجذب المستثمرين سواء السوريين أو الأجانب.

ويوضح أن سوريا يمكن أن تتلمس النتائج الاقتصادية الإيجابية خلال ستة أشهر على الأقل، بشرط تنفيذ الحكومة السورية المطالب الأميركية الاثني عشر، ما يجعل المسؤولية كبيرة على عاتق الحكومة السورية، مشيرا إلى أن واشنطن غالبا تتوقع استجابة سريعة من دمشق حول طلباتها.

ويرى الكريم أن أهم عقبة كانت تقف عائقاً أمام بناء حوكمة للدولة السورية، قد زالت، ما يعني أن الغرب ينتظر الخطوة المقابلة من دمشق، خصوصاً مع تبني الشرع لسياسة خطوة بخطوة، ويبقى على الحكومة إعادة بناء حوكمة تمكن السوريين من المشاركة في بناء دولتهم.

أشكال متعددة للعقوبات
من جهته، يرى السياسي السوري المقيم في أميركا أيمن عبد النور، أن تصريح الرئيس ترامب يمثل “الخطوة الأولى لبدء الجهاز التنفيذي بتطبيق قرار الرئيس”، مشيراً إلى أن العقوبات تأخذ أشكالاً مختلفة، فمنها قوانين صادرة عن الكونغرس مثل قانون “قيصر” وقانونا الكبتاغون 1 و2، وهذه القوانين ليس من صلاحية الرئيس إلغاؤها بل يمكنه تجميدها لمدة ستة أشهر.

كما تأخذ بعض العقوبات شكل قرارات تنفيذية للرؤساء السابقين، وهذه القرارات يمكن إلغاؤها بأوامر تنفيذية، وهناك الحالة الوطنية للطوارئ التي تم تجديدها منذ أيام قليلة، وهذه الحالة تسقط أوتوماتيكياً في حال لم يتم تجديدها العام المقبل، وفقا لعبد النور.

تحديات
ويبدو أن مقاربة واشنطن للملف السوري تشهد منعطفاً حقيقياً، وفقا لحديث الكاتب والأكاديمي مالك الحافظ، الذي يوضح أن ترامب تحدث عن إرادة سياسية واضحة لإعادة صياغة العلاقة مع سوريا وفق مقاربة براغماتية، ترى في التعاون الاقتصادي أداة أكثر فاعلية لضبط السلوك الانتقالي وتشجيع إعادة الإعمار المشروط.

ويلفت الحافظ في حديث لـ”المدن”، إلى أن هذا التصريح لا يُترجم تلقائياً إلى إجراءات قانونية فورية، بل يمكن اعتباره أقرب إلى رسالة سياسية موجهة للداخل والخارج، مشيراً إلى وجود تحديات عديدة أمام وضعه قيد التنفيذ، منها أن العملية التقنية لرفع العقوبات معقدة ومركّبة، فهناك الهيكلية القانونية الصارمة لقانون “قيصر”، الذي صُمّم أصلاً ليكون عصياً على الرفع السريع، ولا يمكن تجاوزه إلا بتوافق حزبي نادر في الكونغرس، وهو أمر قد يكون صعباً في ظل الانقسام السياسي الحالي في واشنطن.

ويرى الحافظ أن التحدي الثاني هو غياب توافق دولي شامل على شرعية السلطة الانتقالية، فبعض الدول لا تزال تتريث في منح الاعتراف الكامل، وتطالب بخارطة طريق واضحة حول الدستور والعدالة الانتقالية، وهذا يؤثر على إمكانية التحرك الجماعي لرفع العقوبات، حتى في إطار المؤسسات متعددة الأطراف كالاتحاد الأوروبي أو مجلس الأمن.

مصدرالمدن - محمد كساح
المادة السابقةوزير الاقتصاد: عودة لبنان إلى العمل العربي المشترك خيار استراتيجي لا رجعة عنه
المقالة القادمةسلام: إعادة أموال المودعين تدريجياً بأقل من 10 سنوات