تتراجع قدرة اللبنانيين على التأمين ضد المخاطر مع كل انخفاض في سعر الصرف. فمن تسديد البوالص بالليرة اللبنانية على سعر صرف 1507.5 مطلع الأزمة في العام 2019، مروراً بالتسديد مناصفة بين الليرة واللولار، من ثم مناصفة بين اللولار والدولار، تتجه شركات التأمين قريباً إلى تسعير جميع برامجها بالدولار النقدي. مصادر في قطاع التأمين تشير إلى أنه من المستحيل التسعير بعد اليوم بعملة وهمية. فالمستشفيات والمختبرات ومحال قطع السيارات و”كاراجات” الحدادة والبويا، تطالب الشركات بالتسديد بالدولار “الفريش”. وعليه فان بيع البوالص، وتحديداً في قطاعي الاستشفاء والتأمين على السيارات بسعر صرف غير حقيقي سيكبد المؤمن دفع التعويض عند أي حادث. هذا عدا عن أن هناك أنواعاً من التأمين لا ينفع معها إلا التسديد بالدولار النقدي، مثل: التأمين البحري، والتأمين على الحياة، وتأمين المصانع… وغيرها الكثير، وإلا تكون بلا أي قيمة.
هذا الواقع يصطدم بعجز نحو ثلثي الشعب اللبناني عن الاستمرار في التأمين. المعاناة ستتظهر أكثر مع توقع تنازل حوالى 50 في المئة من المؤمنين عن التأمين الصحي، وتراجع أعداد المؤمنين في هذا القطاع من نحو 750 ألف مؤمّن إلى حوالى 300 ألف. كذلك الأمر في تأمين السيارات حيث تخلى الكثيرون عن التأمين الشامل، وعمد جزء غير قليل على كسر بوالصه وعدم التأمين حتى ضد الغير. في المقابل تعتبر المصادر أن الأزمة قد تكون فرصة لدخول زبائن جدد على القطاع، ممن يتقاضون رواتبهم بالدولار النقدي، إلا أن نسبتهم ليست كبيرة وهم لا يشكلون أكثر من 20 إلى 25 في المئة من اللبنانيين. الأمر الذي سيدفع حتماً إلى إعادة هيكلة القطاع وتقليص حجمه بعدما كان توسع قبل الأزمة إلى حوالى 50 شركة، وعشرات الفروع والمكاتب وآلاف الوسطاء.