أحدث قرار تعديل الرسوم المرفئية الصادر منذ أيام، إرباكاً لدى البعض، لجهة تقاطع قرار الدولار المرفئي مع الحديث عن الرسوم الجمركية ورفع الدولار الجمركي، غير أن الدولار الجمركي لم يتم البت به حتى اللحظة، في حين أن الدولار المرفئي تم تحديده بسعر منصة صيرفة وستبدأ المرافئ العمل به ابتداء من أول شهر آب المقبل.
دولار الرسوم المرفئية
توجّهت إدارات المرافئ مؤخراً بتعاميم (مرفق تعميم لمرفأ طرابلس) إلى جميع التجار والوكلاء البحريين والمخلصين الجمركيين العاملين في المرافئ، تفيدهم فيها بأنه جرى تعديل نظام تعرفة الرسوم. وقد تناول التعديل استيفاء معظم الرسوم المرفئية وفقاً لمنصة صيرفة الصادرة عن مصرف لبنان.
وبموجب هذا القرار سيتم احتساب جميع الرسوم بما يوازي قيمتها بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر منصة صيرفة، باستثناء رسوم الرسو والتلبيص لجميع أنواع السفن التي لا تحمل العلم اللبناني، والرسوم على عمليات مناولة الحاويات من السفينة إلى الباحة وبالعكس. باختصار، سيبدأ اعتماد دولار منصة صيرفة على الرسوم المرفئية وبدلات الأشغال ومواقف شاحنات الترانزيت ابتداء من 1 آب المقبل.
ويشرح مدير عام النقل البري والبحري أحمد تامر في حديث لـ”المدن” أهمية تعديل الرسوم المرفئية، لاسيما أن غالبيتها يتم احتسابها وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 1500 ليرة، في حين ان النفقات التي تصرف على تشغيل المرافئ والصيانات والمعدات وغيرها يتم تقويمها بالدولار الفريش، ما خلق فجوة بين الإيرادات والنفقات، وأوقع المرافئ بعجز مالي، لافتاً إلى أن الرسوم المرفئية مُعتمدة في كل دول العالم بالدولار، كما أنها كانت مُعتمدة في لبنان أيضاً بالدولار، غير أنه خلال الأزمة ورغم تراجع قيمة الليرة استمرت المرافئ بتقاضي الرسوم لفترة زمنية وفق 1500 ليرة للدولار، قبل أن يتم تعديلها إلى 8000 ليرة للدولار. أما اليوم فالوضع لم يعد يحتمل ترتيب خسائر على المرافئ، يقول تامر، لذلك عمدنا إلى ربطها بسعر دولار منصة صيرفة.
ولا بد من الإشارة إلى أن الرسوم المرفئية هي بالأساس رسوم منخفضة القيم. فالرسم المرفئي لإخراج كونتينر على سبيل المثال لا يتعدى 100 دولار، وهي رسوم تُجبى لصالح الخزينة العامة.
الدولار الجمركي
وإذا كانت الرسوم المرفئية منفصلة تماماً عن قضية الدولار الجمركي، فذلك لا يعني أن العمل بالدولار الجمركي لا يزال بعيداً. لا بل يُطبخ في كواليس رئاسة حكومة تصريف الأعمال ووزارة المال. ومن المتوقع أن يُحسم الدولار الجمركي خلال الشهر المقبل، أي قبل شهر أيلول.
وعلى الرغم من نفي عدد من الوزراء ومن بينهم وزير الصناعة بأنه يكون للدولار الجمركي المُرتقب إقراره قريباً أي أثر سلبي على المواطن، باعتبار أن السلع الغذائية والدوائية لن تتأثر به، وسيقتصر القرار على الكماليات وبعض الرسوم التي من شأنها أن تزيد الايرادات من دون المساس بجيب المواطن، غير أن الحقيقة أن كل تلك التطمينات مجرّد “هراء”، فاعتماد الدولار الجمركي سيُحكم الخناق على المواطن العادي وسيُعمّق له هوة الفقر التي يتخبّط بها اليوم، لاسيما في حال إقرار الدولار الجمركي بمعزل عن خطة إصلاحية شاملة.
ما تسعى إليه حكومة تصريف الأعمال اليوم هو إقرار الموازنة العامة للعام 2022، مع اعتماد سعر صرف منصة صيرفة في كافة أركانها، بما فيها تسعير الدولار الجمركي، ما يعني رفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة إلى نحو 25000 ليرة دفعة واحدة، أي أكثر من 16 ضعفاً. وهو ما يُنذر بانفلات أسعار المواد الاستهلاكية كافة. وتعمد حكومة نجيب ميقاتي إلى ربط مسألة إضراب القطاع العام وتعطّل كافة مؤسساته ومطالب الموظفين بتحسين مداخيلهم، بزيادة الإيرادات إلى الخزينة العامة عن طريق الدولار الجمركي حصراً.
وكان نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال، ورئيس الوفد المفاوض مع صندوق النقد الدولي، سعادة الشامي، قالها وبوضوح: “إذا لم تتم الزيادة على الدولار الجمركي فلن يكون بالإمكان تحسين أجور القطاع العام التي أصبحت بالأرض”. وهو ما توافق عليه المجتمعون منذ يومين في السراي الحكومي من رسميين ونقابيين على أن يكون حل الإضراب “من خلال إقرار الموازنة بما فيها من زيادات ضريبية أبرزها الدولار الجمركي، الذي يوفّر واردات مالية إضافية للخزينة تتيح تمويل زيادة الأجور للعاملين في القطاع العام”. ما يعني سلسلة رواتب جديدة، ومزيداً من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وزيادة في نسب الغلاء والتضخم، ومزيداً من الفقر.