رهان أفريقي على الشراكة الفعالة لتحسين البنى التحتية

تراهن الدول الأفريقية على شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ خطط إصلاح البنية التحتية الضرورية لتطبيق الاستثمارات الكفيلة بتحريك الأنشطة الاقتصادية على قواعد مستدامة، في ظل ترقب انطلاق منطقة التجارة الأفريقية الحرة التي تتطلب بنى تحتية قوية لتحسين أداء مشاريع النقل والموانئ والسكك الحديدية.

تتطلع الدول الأفريقية وعلى رأسها المغرب إلى مضاعفة مخططات التنمية بالنسبة للبنية التحتية التي تسببت في فجوة كبيرة في الاقتصاد حيث تهدف الرباط لدعوة الدول الأفريقية إلى شراكة حقيقية تدعم الاحتياجات المتزايدة للأفارقة.

ويشكل عائق البنية التحتية المهترئة عقبة أمام مشروع المنطقة التجارية الأفريقية الحرة التي تشكل فرصة استثمارية واعدة تفترض على دول القارة تحسين البنى التحتية لقنص الاستثمارات وتحسين أداء الصناعة والتجارة والخدمات.

وفي هذا السياق نقلت وكالة أنباء المغرب عن نجاة ساهر نائبة مدير المؤسسات العامة والخوصصة بوزارة الاقتصاد والمالية والإصلاح الإداري، قولها إن “استخدام الشراكات بين القطاعين العام والخاص في أفريقيا يمكن أن يساعد في تجاوز العجز في البنية التحتية ودعم الاحتياجات المتزايدة للسكان الأفارقة والتي من المتوقع أن تتضاعف بحلول عام 2050”.

وقالت ساهر في تدخلها خلال افتتاح المؤتمر الثاني عشر للشراكة بين القطاعين العام والخاص في أفريقيا 2020 المنظم يومي 1 و2 ديسمبر عبر تقنية الفيديو، إنه “يجب على أفريقيا حتما تعزيز بنيتها التحتية لدعم احتياجات السكان الأفارقة”، مبرزة أهمية استخدام الشراكات بين القطاعين العام والخاص من أجل سد العجز وتسريع الاستثمارات.

وتشكل هذه الشراكات عامل تسريع للاستثمار العام من خلال حشد الأصول والقدرة على الابتكار والتمويل والإدارة لتلبية احتياجات تطوير البنية التحتية والنهوض بالخدمات بالنظر إلى صعوبة القطاع العام في التعامل مع الطلب المتزايد على السلع والخدمات.

وأضافت ساهر “مع ذلك ، لا ينبغي أن ننسى أن النجاح الدائم لهذه الشراكات يعتمد بشدة على جودة إعداد المشروع ودقته واعتماد الشفافية في منح العقود”.

وأشارت إلى أنه “في السياق الحالي الذي يتسم بانتشار وباء كوفيد – 19، قام المغرب بوضع الأسس والمرتكزات الرئيسية لإحداث الانتعاش الشامل مع حشد وتكثيف الاستثمارات العامة من أجل تنشيط الاقتصاد”.

وقالت إنه مع ذلك “لا يمكن للاستثمار العام المدعوم مباشرة من الدولة أن يذهب بعيدا، ومن هنا تأتي الحاجة إلى ابتكار سبل جديدة من أجل التمكن من تعزيز هذه الاستثمارات من خلال الاعتماد على آليات مبتكرة من حيث التمويل، ولاسيما الشراكات بين القطاعين العام والخاص”.

ومن جهته، أكد المدير العام للاستراتيجية والموارد بوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والمياه عادل باهي، أن تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص يشكل أحد دعائم تنفيذ السياسات العامة، ولاسيما تلك المتعلقة بالنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.

وتطرق إلى المبادرات التي تجري على صعيد وزارة التجهيز والنقل وفق خطط رئيسية تعطي الفترة الممتدة للعام 2040 وتهم تأهيل قطاعات الطرق والطرق السيارة والسكك الحديدية والموانئ، مما يعكس استراتيجية استباقية لتقوية وتحديث شبكات البنية التحتية الضخمة على الصعيد الوطني.

وقال إن “هذه البرامج جعلت المملكة حلقة وصل قوية في سلسلة التجارة العالمية بين الشمال والجنوب وبين الجنوب والجنوب”، مضيفا أن “الوزارة منخرطة بإصرار في عملية تسمح بتعزيز المنجزات وتطويرها وتقوية الشراكات مع القطاع الخاص”.

وأكد في هذا السياق أن الوزارة تركز على أربعة محاور استراتيجية تهم تأهيل البنية التحتية في خدمة النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي، وجودة وسلامة واستدامة ومرونة البنية التحتية وخدماتها، والنهوض بالنقل واللوجستيك، من أجل كفاءة وتنافسية أفضل لخدمات النقل والخدمات اللوجستيكية وأخيرا التأثير الإقليمي والقاري في البنية التحتية للنقل وقطاع اللوجستيك.

وقال إن الوزارة تواصل من خلال المحور الأخير الوفاء بالتزاماتها مع شركائها الأفارقة لصالح شراكة قادرة على منح القارة فرصة حقيقية للشروع في تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.

من جانبه، أكد مايك موكيلة باميديل سلاو، رئيس قسم التجهيزات والشراكة في البنك الأفريقي للتنمية، الاهتمام المركزي الذي يوليه البنك لتنمية وتطوير البنيات التحتية الأساسية في أفريقيا كما يتضح من جهوده لتعزيز وتمويل المشاريع ذات الصلة وتقديم حلول مبتكرة.

وأشار إلى أن أحد أكبر التحديات التي تواجه أفريقيا هو الحاجة المتزايدة إلى البنية التحتية، مشيرا إلى أن هذه الفجوة المقدرة بتكلفة مالية كبيرة تتطلب المزيد من التعبئة، مضيفا أنها فجوة تكلف البلدان الأفريقية 2 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي سنويا.

ونظمت هذه الندوة تحت رعاية وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة ووزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والمياه تحت شعار “الشراكات ضمن مشاريع التجهيزات العمومية من أجل تنمية مستدامة ونمو اقتصادي”.

وركز المؤتمر على عرض المشاريع الحالية القابلة للتمويل في إطار الشراكات، وتطوير المشاريع الحالية وإبراز الفرص المتاحة في مجال التجهيزات في القارة الأفريقية.

وشارك في المؤتمر عدد من الخبراء والشركات والمستثمرين والمسؤولين من نحو 30 دولة في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في أفريقيا.

ويجمع خبراء الاقتصاد على أن المنطقة التجارية الأفريقية ستكون فرصة ثمينة للاستثمار في البنى التحتية، فيما ستكون هذه الأهداف في صالح الصين التي دخلت على الخط الأفريقي منذ البداية لتتولى ترسيخ ركائز اتفاقية التجارة الحرة للقارة الأفريقية ببنية تحتية اقتصادية قوية.

وتعد منطقة التجارة الحرة الأفريقية الأكبر في العالم بتعداد سكاني يتجاوز 1.2 مليار نسمة، وحجم مبادلات تجارية تتجاوز 3 تريليونات دولار سنويا.

وتطمح الدول الأعضاء في الاتحاد إلى أن تؤدي الاتفاقية إلى رفع نسبة المبادلات التجارية بين الدول الأفريقية من 16 إلى 33 في المئة من إجمالي تجارتها الخارجية. ودخلت منطقة التبادل التجاري الحرّ الأفريقية حيز التنفيذ في 30 مايو 2019.

وكان من المقرر أن تدخل منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية حيز التنفيذ في الأول من يوليو، لكن لم يتسن تطبيق ذلك بعد أن أجبر الفايروس على فرض إغلاقات واسعة النطاق للحدود وأوقف المحادثات بين الحكومات بشأن إلغاء الرسوم الجمركية.

ومن المحتمل الآن أن يبدأ العمل بها من بداية 2021. ومن المتوقع أن تكبد الجائحة أفريقيا فاقدا في الناتج الاقتصادي بما يصل إلى 79 مليار دولار هذا العام وحده مع الخطر الإضافي لفقدان الملايين من الوظائف.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالبنوك الأوروبية تمول المشاريع المائية في الأردن
المقالة القادمةبايدن: الرسوم الجمركية على الصين «باقية» حتى تتم مراجعتها