روائح كريهة في مرفأ بيروت: حريق جديد قادم

عادت إهراءات مرفأ بيروت إلى الواجهة أخيراً من باب الروائح الكريهة التي بدأت تنتشر في محيط المنطقة. فمنذ أيام، تشتدّ هذه الروائح كلما تقلّصت المسافة إلى الإهراءات، ويشكو منها الساكنون على مقربة من الصرح المتهالك، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة، فهل عادت عملية التخمير داخل الصوامع؟

منذ آخر حريق في بقايا الصوامع في مرفأ بيروت، بقيت كميات كبيرة من القمح محصورة في الصوامع الداخلية، يصعب الوصول إليها لإفراغها.

لذلك، تركت هذه الكميات، التي يقدّرها الدكتور محمد أبيض، رئيس اللجنة العلمية لمعالجة الحبوب في مرفأ بيروت سابقاً، بـ«10 آلاف طن لم نستطع الوصول إليها»، لوجودها في الرقعة الخطرة، خصوصاً أن أيّ حركة يمكن أن تعجّل بالانهيار، نظراً إلى أن البنية غير ثابتة وتشهد انزياحاً يوماً بعد آخر».

اليوم، بعد أكثر من عامين، بدأت الحبوب داخل الصوامع بالتخمّر بفعل الرطوبة، وهي عملية تستمر مدة من الوقت قبل أن يبدأ التفحّم ويتحوّل إلى اشتعال. لا يضع أبيض مهلاً زمنية لهذه العملية، إذ قد تأخذ أشهراً، وما يسرّع بها، بحسب الدراسات العلمية، هو تخطّي الحرارة داخل الصوامع الـ95 درجة مئوية لتبلغ مرحلة التفحّم والاشتعال.

ومع أن أبيض يعتبر أن احتراق الحبوب حل لا بديل عنه، لأنه لا يمكن التصرّف مع الحرائق التي يمكن أن تحصل في الإهراءات كما في الحرائق العادية لناحية تبريدها بالمياه، إذ إن ذلك يزيد الأمور سوءاً، إلا أن هذا «الحلّ» لا يعفي من السيناريوهات التي يمكن أن تحدث، خصوصاً أنه لا يمكن استدراك المسار الذي قد يخلّفه حريق آلاف الأطنان. فإذا ما بدأت عملية الاحتراق، لا يمكن تقدير الوقت الذي قد تستغرقه.

وهنا، بيت القصيد. فطول أمد عملية الاشتعال يؤثر على بنية الإهراءات المتصدّعة أصلاً، بحسب الدراسات العلمية والمعاينة على الأرض. وبسبب تزعزع بنية الإهراءات، سيؤدي الحريق إلى زيادة التفكّك في هذه البنية تسريع الانهيار. وهو ما حدث سابقاً عندما انهارت أجزاء من الصوامع في الجهة الشمالية في تموز 2022، بعد أسابيع من بدء عملية الاحتراق. ورصدت اللجنة العلمية خلال تلك المدة تغيرات في سرعة الانحناء في الصوامع من 2 ميلمتر في اليوم إلى 2.5 ميلمتر في الساعة، قبل أن تسقط.

ويعيد هذا المشهد فتح النقاش حول الصوامع ومصيرها. فعدا عن قرار الحكومة السابقة الطلب من الوزارات المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة للعمل على إبقاء شاهدٍ على انفجار الرابع من آب، وهو قرار سياسي، لم يتّخذ حتى اللحظة أي قرار مبني على دراسات جدية يبرز الجدوى من بقائها أو عدمه.

مصدرجريدة الأخبار - راجانا حمية
المادة السابقةتضارب مصالح في «الاتصالات»: الوزير يملك شركتين لتوزيع الإنترنت
المقالة القادمةأولويّات حاكم مصرف لبنان الجديد: حوكمة داخلية وتفعيل الهيئات الرقابية